Saturday 7 March 2009

Alf lyla wa lyla - page - 3

ألف ليلة وليلة الصفحة : 3

فلما سمعا منها هذا الكلام تعجبا غاية العجب وقالا لبعضهما : إذا كان هذا
عفريتاً وجرى له أعظم مما جرى لنا فهذا شيء يسلينا. ثم أنهما انصرفا من
ساعتهما عنها ورجعا إلى مدينة الملك شهريار ودخلا قصره. ثم أنه رمى عنق زوجته
وكذلك أعناق الجواري والعبيد، وصار الملك شهريار كلما يأخذ بنتاً بكراً يزيل
بكارتها ويقتلها من ليلتها، ولم يزل على ذلك مدة ثلاث سنوات فضجت الناس وهربت
ببناتها ولم يبق في تلك المدينة بنت تتحمل الوطء
ثم أن الملك أمر الوزير أن يأتيه بنت على جري عادته، فخرج الوزير وفتش فلم
يجد بنتاً فتوجه إلى منزله وهو غضبان مقهور خائف على نفسه من الملك. وكان
الوزير له بنتان ذاتا حسن وجمال وبهاء وقد واعتدال الكبيرة اسمها شهرزاد
والصغيرة اسمها دنيا زاد، وكانت الكبيرة قد قرأت الكتب والتواريخ وسير الملوك
المتقدمين وأخبار الأمم الماضيين. قيل أنها جمعت ألف كتاب من كتب التواريخ
المتعلقة بالأمم السالفة والملوك الخالية والشعراء فقالت لأبيها: مالي أراك
متغيراً حامل الهم والأحزان وقد قال بعضهم في المعنى شعراً: قل لمن
يحمل همـاً إن هـمـاً لا يدوم
مثل ما يفنى السرور هكذا تفنى الهمـوم
فلما سمع الوزير من ابنته هذا الكلام حكى لها ما جرى له من الأول إلى الآخر
مع الملك فقالت له: بالله يا أبت زوجني هذا الملك فإما أن أعيش وإما أن أكون
فداء لبنات المسلمين وسبباً لخلاصهن من بين يديه، فقال لها: بالله عليك لا
تخاطري بنفسك أبداً، فقالت له: لا بد من ذلك فقال: أخشى عليك أن يحصل لك ما
حصل للحمار والثور مع صاحب الزرع، فقالت له: وما الذي جرى لهما يا أبت

حكاية ا لحمار والثور مع صاحب ا لزرع

قال: اعلمي يا ابنتي أنه كان لبعض التجار أموال ومواش وكان له زوجة وأولاد
وكان الله تعالى أعطاه معرفة ألسن الحيوانات والطير وكان مسكن ذلك التاجر
الأرياف وكان عنده في داره حمار وثور فأتى يوماً الثور إلى مكان الحمار فوجده
منكنوساً مرشوشاً وفي معلفه شعير مغربل وتبن مغربل وهو را قد مستريح، وفي بعض
الأوقات يركبه صاحبه لحاجة تعرض له ويرجع على حاله، فلما كان في بعض الأيام
سمع التاجر الثور وهو يقول للحمار: هنيئاً لك ذلك، أنا تعبان وأنت مستريح
تأكل الشعير مغربلاً ويخدمونك وفي بعض الأوقات يركبك صاحبك ويرجع وأنا دائماً
للحرث والطحن
فقال له الحمار: إذا خرجت إلى الغيط ووضعوا على رقبتك الناف فارقد ولا تقم
ولو ضربوك فإن قمت فارقد ثانياً فإذا رجعوا بك ووضعوا لك الفول فلا تأكله
كأنك ضعيف وامتنع من الأكل والشرب يوماً أو يومين أو ثلاثة فإنك تستريح من
التعب والجهد، وكان التاجر يسمع كلامهما، فلما جاء السواق إلى الثور بعلفه
أكل منه شيئاً يسيراً فأصبح السواق يأخذ الثور إلى الحرث فوجده ضعيفاً فقال
له التاجر: خذ الحمار وحرثه مكانه اليوم كله، فلما رجع آخر النهار شكره الثور
على تفضلا ته حيث أراحه من التعب في ذلك اليوم فلم يرد عليه الحمار جواباً
وندم أشد الندامة، فلما كان ثاني يوم جاء المزارع وأخذ الحمار وحرثه إلى
آخر النهار فلم يرجع الحمار إلا مسلوخ الرقبة شديد الضعف فتأمله الثور وشكره ومجده
فقال له الحمار:كنت مقيماً مستريحاً فما ضرنى إلا فضولى ثم قال : أعلم أني لك ناصح وقد سمعت صاحبنا يقول: إن لم يقم الثور من
موضعه فأعطوه للجزار ليذبحه ويعمل جلده قطعاً وأنا خائف عليك ونصحتك والسلام
فلما سمع الثور كلام الحمار شكره وقال في غد أسرح معهم، ثم أن الثور أكل علفه
بتمامه حتى لحس المذود بلسانه، كل ذلك وصاحبهما يسمع كلامهما، فلما طلع
النهار وخرج التاجر وزوجه إلى دار البقر وجلسا فجاء السواق وأخذ الثور وخرج
فلما رأى الثور صاحبه حرك ذنبه وظرط وبرطع، فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه
فقالت له زوجته: من أي شيء تضحك فقال لها: شيء رأيته وسمعته ولا أقدر أن أبيح
به فأموت، فقالت له: لا بد أن تخبرني بذلك وما سبب ضحكك ولو كنت تموت، فقال
لها: ما أقدر أن أبوح به خوفاً من الموت، فقالت له: أنت لم تضحك إلا علي. ثم
أنها لم تزل تلح عليه وتلح في الكلام إلى أن غلبت عليه، فتحير وأحضر أولاده
وأرسل أحضر القاضي والشهود وأراد أن يوصي ثم يبوح لها بالسر ويموت لأنه كان
يحبها محبة عظيمة لأنها بنت عمه وأم أولاده وكان عمر من العمر مائة وعشرين
سنة

No comments: