Thursday 23 October 2008

story

وما زال قابيل يقتل أخاه
تعالت الثرثرة ، داخل الخزينة المغلقة ، بين إثنين من الجنيهات المطبوعة حديثا . قال أحدهما للآخر : هل ترى ياصديقى أننا سنكون معا دائماً ، نعمل سوياً على إسعاد الناس ؟؟
فرد الآخر : كلا ياصديقى العزيز ، فأنا طريقى غير طريقك ، فأنا سأكون أداة للشر فى كل وقت
وقبل أن يتم حديثه ، فتحت الخزينة ، وإمتدت إليه هو وصديقه يد الصراف ، وراحت تضمهما إلى ورقتين فئة الخمسون جنيها وثلاث ورقات فئة العشرة جنيهات ، وتلقفتها يد مرتعشة لرجل تعدى الخمسين من عمره ، وقد إنحنى ظهره قليلا ، وراح يقرب الأوراق من زجاج نظارته السميك ، ويعدهم مرة تلو الاْخرى
نعم أنهم مائة وإثنين وثلاثون جنيها ، قالها بمرارة وهو يغادر موقعه من أمام الصراف
راح يحدث نفسه ، ماذا تفعل هذه الجنيهات القليلة وسط أسعار تزداد يوما بعد يوم ، فى أسرة تزداد متطلباتها أيضا ، بعد خمس وعشرون عاما قضاها فى وظيفته ككاتب فى وزارة الصحة ، تكون العلاوة مع الترقية ككاتب أول ، جنيهان فقط ، ماذا تفعل هذه الملاليم القليلة ؟؟؟ أنه يذكر أن قميصه الذى يرتديه قد إشتراه منذ ثلاث سنوات ، والبدلة القديمة التى يرتديها فى المناسبات كان قد إشتراها من سوق الكانتو بحى الموسكى منذ عشر سنوات حتى أنه لم يدخن سيجارة منذ سنوات لا يذكر عددها ، ولم يكن ذلك التوقف للحفاظ على صحته ، ولكن من ضيق ذات اليد ، أنه يأخذ فقط من زوجته مصروف يومى خمسون قرشا لتغطية تكاليف المواصلات ، وثمن فنجان من القهوة أو الشاى
جلس مصطفى أفندى على مكتبه ، وراحت تداعب خياله فكرة جريئة ، أن زوجته لا تعلم أن العلاوة جنيهان ، أنها تعلم فقط أنة سيأخذ علاوة ، إذن فليخبرها أن العلاوة جنيهاً واحداً ، وطبعاً سيكون معه الجنيه الآخر يصرفه كما يشاء ، وداعبت فكره ، رائحة السيجارة ، فنادى على الساعى طالبا منه أن يحضر علبة سجائر مع فنجان القهوة
وذهل الساعى .. قائلا : علبة سجاير يامصطفى أفندى ؟؟؟
أجاب مصطفى أفندى ( وهو يبتسم ) : أيوه ، وتكون سوبر كمان
رد الساعى : بس يامصطفى أفندى ، مفيش سوبر ، كلة دلوقتى مستورد
تردد مصطفى أفندى قليلا ، وسأل الساعى : المستورد بكام ؟؟
أجاب الساعى : العلبة بجنيه
قال مصطفى أفندى ( وقد شعر بألحرج ) : ماشى ، هات علبة مستورد ، وأخرج من جيبه جنيهاً يبرق ويلمع
هنا قال الجنيه لصديقه : الآن نفترق ياعزيزى ، وربما نجتمع يوماً ما
ومرت سنوات ، وتم اللقاء ثانية ، وسط حزمة كبيرة من العملات الورقية البالية ، داخل إحدى قاعات البنك المركزى ، قبل إعدامها
قال الصديق لصديقه : ها نحن مرة اُخرى معاً ، ولكن بعد أن أصابنا الكبر ، ونحل جسمنا وأصبح هشاً
رد الآخر : نعم ، ولكن أخبرنى ماذا فعلت طوال غيبتنا ؟؟؟
راح ينظر لصديقه ، وشرد قليلاً ، وكأنه يستدعى من الذاكرة شريط الذكريات
قال : عندما إفترقنا ، وكنت أنا ثمناً لعلبة سجائر ، يهلك دخانها وما به من سموم ، صدر مصطفى أفندى ، ويدمر رئتيه .دخلت إلى حافظة صاحب الكافيتريا ، التى إشترى منها الساعى السجائر ، كان هناك مجموعة كبيرة من الأصدقاء تعرفت عليهم ، ذهبت مع معظمهم فى المساء ، ثمنا لقطعة من الحشيش، ماركة كله يدلع نفسه ، على قهوة المعلم عزوز ، فى حى الشرابية .وبعد أيام ، كنت مع بعض الأصدقاء ، ثمناً لزجاجة ويسكى ، وسهرة حمراء فى منزل الراقصة ، زيزى زغزغنى .وبعد أيام ، أخدنى بلطجى مع بعض أصحابى ، وهوه بالمناسبة البودى جارد للراقصة زيزى زغزغنى ، المهم ، على مائدة خضراء للعب القمار ، وضعنى وكنت مع بعض أصحابى ، ومنهم أصحاب جداد إتعرفت عليهم على المائدة الخضراء ، كنا مكسب سهل لمدير كبير فى شركة إستيراد وتصدير ، من إللى بيقولوا عليهم القطط السمان .. الراجل المهم ده ، إستبدلنى مع أصحابى إللى كسبهم ، بدولارات من تاجر عملة مشهور جداً لكل الكبار ، المهم ، إستورد بولوبيف كلاب ، وكمان فاسد وإنتهت صلاحية أكلة للكلاب ، وأكله للشعب ، إللى معدته بتهضم الزلط فى العيش ، يبقى مش حتهضم شوية بلوبيف كلاب فاسد ..المهم ، تاجر العملة إللى خدنى مع أصحابى ، إشترى بينا أرض وبنا عليها برج ، إنهار بعد سنة واحدة والمقاول إللى خدنى ، دخل السجن ، المهم رحت مع بعض أصدقائى كرشوة لشخصية مهمة علشان يخرج المقاول براءة ، وداخل فيلا فى الساحل الشمالى ، كان حته من جسمى بتتحرق وأنا اُشعل سيجارة عشيقة البيه المهم ، وبعدين لما رمانى على الأرض ، لقطنى أحد الخدم ، وحاول يشترى بيه أكل لعياله ، ولكن صاحب المطعم مرضيش ، عشان حته منى محروقة ، وقال له إستبدله من البنك ، وأخيرًا وصلت هنا فى البنك المركزى ، ودي كانت رحلتى كلها
قال الصديق الآخر : إن رحلتك كانت متعبة حقاّ ، أما أنا فقد ذهبت إلى منزل مصطفى أفندى ، وأخذ تنى يد زوجته وقبلتنى ، ثم كنت ثمنا لخضروات وفاكهة أكلوها بالهناء والشفاء ، ثم إنتقلت مع أصدقاء آخرين الى فلاح طيب ثمنا لكمية من الفاكهة والخضروات ، ثم كنت بعد ذلك مع بعض الأصدقاء ثمنا لجاموسة قام بشرائها الفلاح ، والفلاح الذى أخذنى دفعنى مع بعض أصدقائى ثمناً لثياب جديدة بعد موسم الحصاد ، والتاجر الذي أخذنى مع بعض أصدقائى تبرع بنا لبناء مسجد ، وكنت فى يد أحد العمال ممن شاركوا فى البناء ، وكان يضعنى فى جيبه ، ومن كثرة عرقه بدأت أذوب وينحل جسمى ، وذهب يوما ليأكل فى مطعم ، وعندما أعطانى لصاحب المطعم ، ورأى نحولى وذبولى ، وعلم أن العامل لا يملك غيرى ، فقرر صاحب المطعم أن يعطى العامل ما يريد من الطعام ، وأن يأخذنى ويستبدلنى من البنك ، وهكذا حضرت الى هنا
قال الجنيه الخير : ألا تري بأنك كنت شريراً لدرجة كبيرة ؟؟؟ ألم تراجع نفسك أبداً ؟؟
رد جنيه الشر : عزيزى الجنيه الطيب ، كما أن الخير مطلوب ، فكذلك الشر أيضاً ، نحن وجهين لعملة واحدة ، لا تستغنى أحداهما عن الأخرى ، مثل الليل والنهار ، مثل الحر والبرد ، مثل العطش والإرتواء ، مثل الجوع والشبع ، مثل الحضارة والدمار ، مثل الحياة والموت .أن الحياة بتداخلاتها الرهيبة ، تعمل بناموس أزلى ، أراده الله ، الخالق لها وللناموس ، فى مسيرتها التى لا يعلمها الا الله ، فقد خلق قابيل وهابيل من آدم ، وقتل قابيل أخاه ، لخلافهما على من يتزوج من اُخت قابيل ؟؟؟ وليس القاتل هو الشر ، والمقتول هو الخير ، ففى ذلك حكمة ، لقد رسم الله لنا طريق الخير ، وطريق الشر وكان أن خلق العقل للتمييز ، فكان لنا أن نميز بعقولنا ، التى ميزنا الله بها عن كل مخلوقاته .أن الطهارة والإيمان لا تكون بألصلابة والإقتناع ، اِلا إذا كان الفجور وكل الشرور موجودة ، فإذا قاوم الإنسان النفس الأمارة بألسوء ، وسيطر عليها هنا يكون إيمانه بيقين ، ولكن إذا لم توجد الشرور ، فسيكون الإنسان مؤمن رغما عنه ، فلا خيار آخر ، بل هو مسير فى إيمانه ، والجميع سيصبحون ملائكة ، بلا مقاومة ، وبلا شعور .. إذن لا بد أن تكون الحكمة ، أن يوجد الشر ، بجانب الخير ، حتى يقاوم كل منهما الآخر ، وتتنازع النفس البشرية ، ويعمل العقل ، ويخير الإنسان
إن الله لو شاء لجعل الناس اُمة واحدة ، كلها خير وصلاح وتقوى وإيمان ، ولكن الله يريد لعبده ، أن يعبده عن حق ، وهنا خلق العقل للإنسان ، وسبب الأسباب بناموس أزلى ، وأوجد طريق الخير ، وطريق الشر
فإما أن تعلو ، وتسمو
أو تنحدر ، وتهبط
ومن هنا يكون الحساب

Friday 10 October 2008

قصة قصيرة - عودة راسبوتين

عودة راسبوتين
نظر الشيخ نصر إلى المرأة الجالسة أمامه تائهة النظرات
.قال : إحكى لى عن تلك الأحلام التى تزعجك ، صمتت خديجة قليلا، وكأنها تسترجع شريط الأحلام
قالت : أنا لا أرى أحلاما كاملة ، ولكنى أرى أشياء تزعجنى ، أنى أرى يداً بيضاء ثلجية تعبث بخصلات شعرى الأسود ، وأنا رأس فقط بلا جسد ، أرى قناعا غامضاً ملقى على سرير أزرق ، أرى سبع كواكب تسبح فى سماء بنفسجية ، أرى أصابع مرتعشة فى عمق الماء الأزرق تطارد سمكة صغيرة ، أرى بيضة وقد إنشقت قشرتها نصفين وخرج منها سحاب كثيف ، أرى عينان تلمعان فى سماء بعيدة تملؤها خطوط البرق المتعرجة ، قل لى ياسيدنا الشيخ ، إية معنى الأحلام دى ؟؟؟
.إتضجع الشيخ نصر على الأريكة قليلا ، وراح ينظر اِليها من خلف نظارته السميكة
. قال : إنت إخوانك إللى تحت الأرض ، مش راضيين عليكى
.صرخت : د ستور ياسيادى دستور
قال : متخافيش ياخديجه ، كل الأحلام إللى بتزعجك دى ، حتختفى
بدأ الشيخ نصر يطلق البخور ويتمتم بعبارات غير مفهومة ثم إستدار إليها قائلا : إنتى حامل ياست خديجه
إضطربت الست خديجه ، وحاولت أن تتكلم ، ولم تستطع ، ثم تماسكت
وقالت : مش ممكن ياشيخ نصر ، أنا جوزى راجل كبير فى السن ، و مفيش حاجه بينا من وقت طويل
قال الشيخ نصر : اليد البيضاء الثلجية التى تعبث بخصلات شعرك الأسود ، ده معناه علاقتك بجوزك ، اللى هوه كبير عنك فى السن ، لكن بيحبك ، أما القناع الغامض اللى على السرير ، فمعناه إنك بتخفى علاقتك مع حد تانى ، اللى هوه اليد اللى بتطارد السمكة الصغيرة فى الماء الأزرق ، أما الكواكب السبعة إللى فى السما البنفسجية معناه عدد الشهور إللى باقيه للولادة ، أما العيون إللى فى السما والبرق فده نذير غضب السما عليكى ، والبيضة إللى قشرتها إنقسمت وطلع منها سحاب كثيف ، ده الجنين إللى بتحاولى تتخلصى منه
نكست خديجة راْسها وهى ..تقول : والعمل ياشيخ نصر ؟؟ ده أنا طول عمرى واخده بالى ، وبآخد البرشام على طول
قال الشيخ نصر : متخافيش ، كل شىء حيكون على ما يرام ، الأول نراضى الأسياد ، وبعدين كل شىء حيبقى تمام
.قالت خديجه : أمرك ياسى الشيخ
نظر إليها الشيخ نصر نظرة متفحصة ، فهى إمرأة فى العقد الثالث من عمرها ، جميلة ، عيناها السوداوان ذات الأهداب الطويلة تبرق وكأنها عيون غزالة برية ، وجناتها المتوردة ، شفتاها الممتلئتان وتنفرجان عن أسنان ناصعة البياض ، ذراعاها البضتان ، وصدرها الممتلىء باِستدارة ،أفاق الشيخ نصر من نظراته الفاحصة
وقال : الأسياد طالببين خروف يكون له قرن واحد ، وديك أحمر يكون فيه نقطة بيضاء فى عرفه ، وفرختين عتاقى ريشهم لونه أسود ، وفار أبيض فى ود نه حسنه بنى
ردت الست خديجه : بس ياسيدنا الشيخ أنا حأعرف أجيب الحاجات دى إزاى ؟؟؟ ممكن أجيب لك الفلوس وتجيب إنت الحاجات دى ؟؟
رد الشيخ نصر : مفيش مانع ، بكرة تجيبى معاكى ألف جنيه
خرجت الست خديجه على أقرب صايغ لتبيع إسورة ذهب وغويشتين
قال الشيخ نصر لاُم السعد : إية الأخبار ؟؟
؟فردت ( والإبتسامة على شفتيها ) : وأنا برضة بجيب لك إلا القطط السمان ، وحياتك يادوب بدأت تحكى لى عن أحلامها ، وأنا عارفة حكايتها مع الباشمهندس جارها ، إلا وقلت : يابت ياُم السعد ، دى زبونه سقع ، ورحت نازله دوى على دماغها ، إن الشيخ نصر ليه كرامات كتير وهو اللى ممكن يعمل لك حجاب يضيع منك كل الأحلام المزعجة
ضحك الشيخ نصر وقال : الله يخيبك ياُم السعد ، دا إنتى قضية
ردت : تربية إيديك ياشيخ نصر
قال : طب قومى حضرى لنا لقمة ، ست إجواز حمام كده ، يالا ، ماهو رزق الهبل على المجانين
وضحكت اُم السعد ، وقامت تتمختر فى حركاتها
قال الشيخ نصر : خشى ياست خديجه ، الأسياد راضيين عنك النهارده ، وحيخلصوكى من الجنين من غير أى ألم ، نامى على السرير على جنبك اليمين ، وخلى كل هدومك جنب المبخرة ، عقبال ما أحضر البخور
لم تصدق اُم السعد اُذنيها ، إية الحكاية ؟؟ ده أى واحده كان بيكتب لها حجاب وبس ، وبعدين هوه عارف إنها مش حامل ولا حاجه ، معقوله الراجل عينه زاغت ؟؟؟ولم تصدق عينيها وهى ترى الشيخ نصر يطلق البخور على المرأة العارية ، ثم يخلع جلبابه وهو يقول للست خديجه أن روح الأسياد ستخلصها من الحمل ، وتطهرها
وبعد أن ترتدى الست خديجة ملابسها وهى تدعو للشيخ نصر بطول العمر ودوام الصحة
يقول : لازم تيجى بكره ، عشان الأسياد تكمل عملية التطهير
وتخرج الست خديجه
تمسك اُم السعد بخناق الشيخ نصر
.قائله : إية اللى عملته ده ياراجل ؟؟؟ إنت أى واحده كنت بتكتب لها حجاب وبس ، إيه اللى حصل لك ؟؟
يرد الشيخ نصر : ده عشان بحبك الدور
تصرخ اُم السعد : أى دور ياراجل يأبو عين زايغه ؟؟؟ هوه أنا مش ماليه عينيك ؟؟ وتعمل كده وأنا موجوده ، طب راعى شعورى
قال (مقاطعا ) : حلمك علية ياُم السعد ، إنت فاكره نفسك إيه ؟؟؟ إنت يادوب بتجيبى لى زباين ، وبتاخدى حقك وزياده ، غير آكلة ، شاربة ، نايمه
صرخت : بس إنت كنت وعدتنى بألجواز ياشيخ نصر
قال : وإنت ناقصك إيه من الجواز ياُم السعد ؟؟؟ الورقة ياعنى ؟؟
وفى اليوم التالى ، تحضر الست خديجة وينطلق البخور على الجسد العارى للست خديجة ، ويتمتم الشيخ نصر بعبارات غير مفهومة ، ويخلع جلبابه
يفتح الباب ، ويدخل إثنين من الضباط
الضابط : إنت مطلوب القبض عليك ياشيخ نصر ، بتهمة ممارسة الدجل
الضابط ( لبعض اُمناء الشرطة ) : هاتوا الست دى زى ما هيه ، بس غطوها بملاية
وتلوح إبتسامة عريضة على شفتى اُم السعد

Monday 22 September 2008

قصة قصيرة - من فوق ظهر الحصان


من فوق ظهر الحصان
لم يعد غريبا ، أن المكشوف عنهم الحجاب ، هم إناس فى سن الشباب ، نسوة كن أو رجال ، بعد أن كان المكشوف عنهم الحجاب ، إما شيخ طاعن فى السن ، تتدلى على صدره لحية طولها نصف متر على الأقل ، أو شيخة قد أكل الدهر عليها وشرب ، فإذا بها مشروع لمومياء تكاثرت على وجهها خطوط المشيب وتقاطعت طولا وعرضا . كانت الشيخة زينب ، صبية جميلة ، كحيلة العينين ، مضمومة الشفتين ، فارعة الطول ، ملفوفة القوام ، ذات ثديين يرتفعان للأمام بثقة وتحدى ، ذات خصر نحيل ينحدر بنعومة على ردفين ممتلئين ولكن بتناسق مع قدها الممشوق . كان معروفاً فى القرية الصغيرة أن الشيخة زينب مكشوفاً عنها الحجاب ، وكان يقال أنها تمتلك كتاب أبو معشر ، الذى فيه حلول لكل المشاكل ، والذى يخبر عن مستقبل كل إنسان ، وكان النسوة فى القرية يشيعون عنها بأنها مخاوية للجن ، وأن كل رجل تتزوجه لا بد أن يموت فى ليلة الصباحية . لم تكن الشيخة زينب تعير إنتباهاً لكل هذه الإشاعات التى تعودت عليها ، وكانت دارها مفتوحة لكل من يريد أن يعرف حظه ومستقبله . كان المعلم سطوحى ، هو الزبون الدائم عندها ، وكان هو سيد شباب القرية الكل يخشى بطشه ، فهو مفتون بقوته وعضلاته المفتولة ، وقامته المنتصبة وشاربه المبروم ، وكان يمتطى حصاناً أبيض ، يلف به أزقة القرية ، متمخطراً على ظهره ، وقد عوج الطاقية على جنب ، ولف اللاسة النايلون حول عنقه . كان المعلم سطوحى يقضى سهراته عند الشيخة زينب ، وكان دائماً هناك ، بعض النسوة فى بيت الشيخة زينب ، فى الطابق العلوى . لكن المعلم سطوحى ، كان له مكانة خاصة ، فلم يكن يرضى إلا بألشيخة زينب ، بجمالها الفاتن ، وصوتها الساحر .لم يكن أحد يدرى بما يحدث فى الطابق العلوى ، بمنزل الشيخة زينب ، فقد كانت الشيخة زينب تقنع زبائنها بأن من يفشى السر سوف يكون حسابه مع الجن عسيراً ، وعلى هذا الأساس ، كانت الأمور تسير فى سهولة ويسر ، ودائماً أبداً هى الشيخة زينب المكشوف عنها الحجاب . ربط المعلم سطوحى لجام حصانه كالمعتاد بعامود النور ، أمام بيت الشيخة زينب ، ودخل عليها غرفتها وهى مستلقية على سريرها وقد أسندت ذراعيها خلف رأسها ، مال عليها يقبلها ، فلم تستجب لقبلاته قائلة أنها مريضة جداً وتشعر بغثيان ، أخذ يتطلع اليها ، عيناها السوداوان الكحيلتان ، تحملان بين جفنيها كل أسرار العالم ، شفتاها المضمومتان فيهما من السحر والجمال ما تعجز أن تسجله فرشاة أعظم فنان ، شفتان فيهما من الرقة والدعوة الى عالم آخر ، حين تنفرجان ، تتعالى صرخات الشهوة ، هل رأيت شفتان تجمعان بين البراءة والفجور ؟؟ هكذا كانت شفتاها ، ولكن خدودها التى كانت متوردة كفاكهة ناضجة تم قطفها من على الغصن تبدوا الآن مجهدة ، لكن جسدها ما زالت تتفجر فيه كل براكين الإثارة ولهيبها ، تباً لهذا المرض اللعين الذى يمنعها عنه ويحرمه من التمتع معها . لم يسألها هل يحضر لها طبيباً ، ولم يسألها هل تشعر بتحسن أم لا ، أنه ليس ذلك الإنسان المحب ، إن الذى يجمعهما هو الجنس ، وإذا مرضت فتباً لها وللمرض معاً . سألها : فيه حد فوق ؟؟ وأجابت بإيمائة من رأسها ..
وتابع سؤاله : مين الى فوق ؟؟وردت ببطء : ثلاث نسوان حضروا النهارده فوق ، لكن لسه مفيش حد من الرجاله وصل . بدأ يرتقى درجات السلم ، ثم ذهب الى الغرفة الأولى حيث كانت إمرأة مستلقية على السرير ،عارية تماماً ، سمراء البشرة ، تضع قناعا على وجهها ، مرسوم علية وجه قطة ، وكانت هذه طريقة الشيخة زينب ، أن تكون نساءها منقبات ، فلا يعرفهن أحد ، وأغلق الباب ، وكأنه لم يعجب بالبشرة السمراء .
توجه الى الغرفة الثانية وفتحها ، وكانت إمرأة بيضاء ترتدى قناع رسم علية وجه حصان ، أدارت وجهها بمجرد أن رأته وأعطته ظهرها ، وتطلع الى جسدها ، وقد تفجرت فيه براكين من نوع آخر ، هذه الذراعان الناعمتان وهذا الظهر الممشوق ، وتلك الأرداف الممتلئه وتلك الشامات التى توزعت على الظهر والردف الأيمن ، إنه يعرف عددها تماماً ، وكم داعبهم بأصابعه. راح كل شىء فيه يشتعل وهو يجذبها من ذراعها وينزع عنها النقاب وهو يصرخ : مش ممكن ، مش معقول.. ووجها لوجه أمام زوجته ، أم أولاده ، بنت الأصول ، بنت العمدة ..إرتسمت كل ملامح الرعب على وجهها ، وهو ينقض بكلتا يديه على عنقها وسط صرخاته الممزقة : مدد ياشيخة زينب .

Saturday 20 September 2008

قصة قصيرة - وكانت النساء عاريات محترمات -1250 ب . ن


(. وكانت النساء عاريات محترمات ؟ - 1250( ب. ن
الزمان ( سنة 1250 بعد الحرب النوويه )المكان ( أحد الكهوف الصغيرة المطله على إحدى الشواطىء )كان قرص الشمس قد بدأ فى الصعود فا رداً أجنحته الذهبية على أوراق الأشجار الخضراء ، المبللة بقطرات الندى ، وراء الأفق الممتد ، بإمتداد الشاطىء ، متسللا بأشعته داخل الكوخ الصغير ، حيث كان الزوجان ما زالا يغطان فى نوم عميق . إستيقظت الزوجة وراحت تتثائب ، وإقتربت من زوجها لتوقظه ، منبهة له بطلوع الشمس ، وإعلامه بأن الجميع قد إتجهوا نحو الشاطىء .. قالت : هيا يازوجى الحبيب ، هل سنقضى أجازتنا فى النوم ؟؟بدأ الزوج ينتبه من أحلامه ، حاول أن يغمض عينيه ، تمنى أن يكمل حلمه الجميل ، لقد رأى نفسه مرتدياً كا مل ملابسه وهو فى أحضان حورية جميلة ترتدى ثوبا طويلا مثيراً ، وقد تعانقا ، حتى أفا ق على صوت زوجته ينتزعه من حلمه الجميل .أخذ وعاء من الخشب مملوء بألماء ووقف بألقرب من باب الكوخ ، يصب قليل من الماء لزوجته لتغسل وجهها ، ثم ناولها الوعاء لتصب له الماء ، نظر حوله ، لقد خرج معظم الناس من الأكواخ وإتجهوا نحو الشاطىء الممتد عراة ، وإن كان بعضهم يرتدى الأقمشة المنسوجة يدويا بواسطة الأنوال ، على هيئة ثياب بسيطة .قال لزوجته : هيا بنا ، وتهادت على رمال الشاطىء ، وتماوجت أشعة الشمس على جسدها العارى البض ، وقد إكتسى بأ للون البرونزى ، وتبعها وقد أحاط وسطه بقطعة من القماش .أخذا يسبحان فى الماء الدافىء ، لفترة ، ثم إستلقى الزوج على رما ل الشاطىء وهو يبتسم ، وقد تذكر حلمه الجميل ، ولكن هاهى زوجته تنتزعه من خيالا ته ، وهى تميل عليه ..قالت : اُريد أن أرتدى ثوباً .نظر إليها مستغرباً طلبها المفاجىء ، وقد إرتسمت علامات الغضب على وجهه ، وهو ينتفض جالساً ..قائلا ( فى عصبية وإ نفعا ل ) : ماذا تقولين ؟؟ هل أصابك مس من الجنون ؟؟ أننى لا يمكن أن اُوافق على أن تكونى ملتقى لنظرات الرجال الجائعة ..قالت (مقاطعه ) : اُنظر حولك !! أليس هناك اُخريات يرتدين الثياب ؟؟قا ل ( وقد إزداد غضبه ) : وهل تريدين أن تكونى مثلهن ؟؟ إنهن نساء الطبقات الراقية الخليعة ، إنهن بإرتدائهن هذه الثياب يثرن غرائز الرجال ، فتنتشر الفاحشة ، أننى أتحداك إن كانت إحدهن ترتدى هذه الثياب لزوجها ، داخل كوخها ، إن الشىء المنطقى هو أن ترتدى المرأة الثياب لزوجها وليس للآخرين ، أنا لا أعرف ماذا حدث فى هذه الدنيا ..
قالت : لماذا أنت إذن ترتدى قطعة من الثياب حول وسطك ، ألا ترى أيضاً أن النساء تنظر إليك ، وتكاد أن تلتهمك عيونهن .. أجاب سريعا : أنا رجل ، ولو إرتد يت كل الملا بس ، فلا يوجد غيرك ياحبيبتى فى حيا تى ، فلماذا هذه الغيرة العمياء ، لا بد أن تكونى سعيدة ، إذا نظرت نحوى كل النساء ، ولكن لا يجذبنى إلا جمالك أنت وحدك .أجابت : أنها نفس مشاعرى ، حتى بإرتدائى الثياب ، فأنا لا أكترث لنظرات الرجال ، فأنت حبيبى وكل حياتى .قال ( فى عصبية وإنفعال ) : ألا تخجلين من هذا الحديث ؟؟ أننى تزوجتك لأنك من عائلة محافظة عارية ، ألا تذكرين أيام خطبتى لك ، وقد فوجئت بك يوماً ترتدين لباساً للبحر ؟؟ وقد سألتك بنزعه فوراً .أجابت ( وقد إعتصر قلبها الحزن ) : نعم ياحبيبى ، أذكر هذا ، ولكن ذاك من زمن بعيد ، أكثر من عشر سنوات مضت ، حيث كانت كل النساء عاريات محترمات ، أما الأن فقد ظهرت الموضة الحديثة بالفساتين الشفافة .. وصرخ ( مقاطعا ) : وهل وجب علينا أن نمضى خلف هذه الموضات الحديثة ، ولربما تسألينى غداً برغبتك فى إرتداء فستان طويل ، إن هذا هو الجنون بعينه .قالت ( مبرره ) : لا بد ياحبيبى أن نتجاوب مع المتغيرات ، من الموضة الحديثه وغيرها ، وإلا وصفنا الناس بألمتخلفين ..قال ( محاولا إنهاء الحوار لصالحه ) : نعم أنا متخلف ورجعى ، ولا يمكن أوافقك على إرتداء الثياب ، كيف سينظر إلى الرجال إذا انا وافقتك الرأى ؟؟ وكذلك عائلتى ، ماذا سيقولون ؟؟ أكيد سيقولون بأننى فقدت السيطرة على اُسرتى ..قالت : ياحبيبى لا داعى لهذا الفكر المنغلق . أجاب بسرعة : هذا ليس فكراً منغلقاً ، وأنت تعلمين بأننى من عائلة متدينة ، بل شديدة التمسك بتعاليم الدين ، إن الله قد خلقنا عرايا ، فهل يأ تى الزمن الذى أسمح لك أن ترتدى أى ملابس أمام الغرباء ، كلا ، وألف كلا . نظر إليها وقد لاحظ الحزن يطغى على نظراتها ، فحا ول أن يقلل من إنفعالاته الحا ده ..قال : أنى لا أمنعك من إرتداء ما تشائين من ثياب ، وفساتين طويلة ، داخل الكوخ ، فهذا يسعدنى ، أفضل من رؤيتى لك عارية طوال النهار ، وفى الليل لا ترغبين فى إرتداء ولو قطعة واحدة من الثياب .!! أنه لغريب حقا ، أن النساء يرغبن فى إرتداء الثياب خارج الكوخ ، بدلا من إرتدائها داخله ، ولإسعاد أزواجهن .بدأت سحابات من الغضب تتجمع لتكسو وجهها بمزيد من الحزن ألذى تسلل إلى قلبها ، وراحت تحد ث شياطينها : إذا كان هو يدعى ألتمسك بتعاليم الدين ، فسوف اُعاملة بمثل ما يدعى ، وسأ كون أكثر تدينا ، ولن أرتدى أمامه شيئاً أبد .. وبدأت تمزق ملابسها !!!

Friday 19 September 2008

قصة قصيرة - البوم الصور


البوم الصور

كانت صورة زوجته أمامه ، منذ لحظات ، فى البوم الصور ، على سريره المنكوش ، الذى هو صورة من غرفته التى تدب فيها الفوضى فى كل ركن من أركانها ، فهذه ثيابه ملقاة على مقعد بلا عناية ، وبعض الجوارب المتسخة بجانب الدولاب ملقاة على الأرض ، وبجانبها بعض ثياب العمل المتسخة ، وعلى الطاولة الصغيرة ، تزدحم أكواب الشاى والقهوة المتسخة وتتناثر أيضاً بعض الفاكهة ، وعلى تلك الطاولة ، بجانب السرير توجد أيضاً قوقعة لإطفاء السجائر كانت مليئة بالأعقاب والرماد ، وعلى الطاولة توجد زجاجات الشراب .
كان يجلس على حافة السرير ، وقد صب لنفسه كأسا من الشراب ، كان يستعرض صور العائلة فى البوم صغير ، ومنذ لحظات ، كانت صورة زوجته أمامه ، وإختفت ، راح يبحث عنها بين طيات غطاء السرير ، لم يجدها ، رفع كل الأغطية والملائات من على السرير ورجها ، لم يجدها . القى بكل الأغطية على السرير المنكوش ، وجلس على حافة السرير ، صب لنفسه كأساً آخر من الشراب ، وقد أعياه البحث عن الصورة ، رفع الكأس وأفرغها فى فمه دفعة واحدة ، مسح فمه بطرف ذراع البيجاما ..
سمع صوتا خفيفاً من بين أغطية الفراش على سريره المنكوش ، إنتبه لمصدر الصوت ، فشاهد الأغطية تتحرك وترتفع وكأن بداخلها شىء ينتفخ ويكبر ، إنكمش مذعوراً فى أقصى طرف السرير ، وإصطكت أسنانه بعضها ببعض ، وهو يشاهد الأغطية وهى تهبط من على سريره المنكوش وبداخلها الشىء الذى ينتفخ ويكبر ، وراحت تتحرك على أرض الغرفة التى دبت فيها الفوضى فى كل ركن من الأركان ، وفى منتصف الغرفة توقفت الأغطية عن الحركة ، وبدأت البطاطين تسقط على الأرض ، ثم ملاءة السرير ، وأذا به وجها لوجه أمام زوجته .
كانت تنظر إليه بعينيها الجميلتين ، حاول أن يتكلم ، فلم يستطع ، ماذا يحدث بحق السماء ؟؟ أنها منذ لحظات كانت صورة داخل ألبوم الصور ، ثم ما هذا الذى تفعله ؟؟ إنها تخلع فستانها الأبيض المزخرف بالورود ، وقميص نومها النيلون الشفاف ..
إمتلك كل شجاعته وتكلم ، سألها : ماذا تفعلين ؟؟ وكيف أتيت إلى هنا ؟؟
لم ترد على أسئلته ، وتابعت خلع ملابسها حتى أصبحت عارية بجمال إفروديت ..
قام من على حافة السرير ولكنه لم يتحرك ، فجلس ثانية ، وراح يفرك عينيه بيديه ، وحدث نفسه : هل أنا فى حقيقة أم خيال ؟؟ هل هذا تأثير الإفراط فى الشراب ؟؟ ولكنى متيقظ ، والد ليل أننى أفكر ، وسأشعل سيجارة الآن ، هذه هى السيجارة وهذه هى الولاعة ..
وحرك إصبعه على الولاعة ، فإرتفعت شعلة صغيرة من اللهب ، أشعل سيجارته ..
حدث نفسه : نعم أنا متيقظ ، وما أراه ليس حلما ً ..
نظر إليها ، لم يستطع أن يحدد أى إنفعالات على وجهها ، وكأنه أمام تمثال جميل لإفروديت ، أنه يتذكر يوم رسم صورتها أول مرة ، كما هى الآن ، بهذا الجمال الساحر ، الشعر الأسود والخدود المتوردة ، الشفتان اللتان تحملان أجمل إبتسامة ، العينان العسليتان ذات الرموش الطويلة ، وثدييها الناهدان وذراعيها البضتين وخصرها النحيف وقدها المياس ، كانت ترفع ذراعيها فوق رأسها ، كم هى جميلة .
وقف مرة أخرى ، وتحرك خطوة نحوها ، حدثها وسألها : كيف أتيت؟؟ إننى لست أحلم ، أليس كذلك ؟؟ أنت حقيقة ، أليس كذلك ؟؟ أستطيع أن ألمسك ؟؟ لماذا لا تتكلمين ؟؟ إنك أنت أنت ، وأنا أنا ، أنا سعيد لرؤياك ، صحيح أنا رجل علم ، لا أؤمن بالخرافات ، وأن تتحول الصورة الى جسد يتجسد فى الواقع ، وأن ما يحدث هذا ... لحظة من فضلك ، أنا لست سكراناً ، لماذا لا تتكلمين ؟؟
عامة ، أنا سعيد لرؤياك ، سعيد جداً ، أنت تعلمين مدى حبى وشوقى لك ؟؟ هيا تعالى بين أحضانى ، وضع الكأس على المائدة وأطفأ السيجارة ، وتوجه إليها فاتحاً ذراعيه ، خطوه ، والثانية ، ثم توقف وتراجع ..
فقد بدأت تتكلم .
كانت جميلة ، لكنه لم يستطع أن يحدد إنفعالات وجهها ، هل هى سعيدة ؟؟ غاضبة ؟؟ تحبة ؟؟ تكرهه؟؟ لا يعلم ، صب لنفسه كأساً وراح يرتشفها وأشعل سيجارة ، إنها تتكلم ، ولا يفهم شيئاً ..
نظر إليها ، فإذا بوجهها يتغير وجسدها يتبدل ، هالات تظهر حول عينيها وتجاعيد وخطوط تتكاثرعلى خدودها وعلى الرقبة ويتهدل الثديان ويتحول الشعر الى الأبيض الفضى ، كل هذه التحولات تتم أمام عينيه...
وهى تتكلم ، ولا يفهم ..
وكيف يفهم وهى تتحدث بسرعة مرور سنوات العمر فى هذه الفترة الوجيزة ، كان ما زال بالقرب منها ، لا تبعده عن هذه التغيرات سوى خطوة واحدة ، وقف أمامها مشدوهاً...
وكانت ما زالت تتكلم ..
ماذا يحدث بحق السماء ، وماذا تقول له ؟؟ هل تعاتبه ؟؟ هل تلومه ؟؟ هل هى حقيقة ؟؟ هل هو تحت تأثير الشراب ، أنه حقا يشرب حتى ينسى نفسه وهموم غربته ، وينام لينسى سنوات العمر التى تذوب بسرعة أو كخيط من الحرير ينساب بسرعة من بين أصابعه المرتعشة على كأسه الفارغة .
إستدار ليعيد الكأس الى مكانها فوق الطاولة الصغيرة بجانب سريره المنكوش ، أو ليملأها !! وكانت تفصله خطوة واحدة عن زوجته ، وخطوة أخرى عن الطاولة الصغيرة .
خيل اليه أنه سمع شيئاً ما قد فهمه ، كان الصوت يقول ، أن هناك شيئاً ما خطأ فى هذه الحياة ؟؟
إلتفت خلفه الى مصدر الصوت ، فلم يجد شيئاً ، حتى زوجته ، تلفت فى أرجاء الغرفة المنكوشة ، فلم يجد شيئاً .
جلس على حافة سريره المنكوش ، وبدأ يفرغ محتويات الزجاجة فى كأسه وهو يقلب البوم الصور .. وفجأة ، وجد صورة زوجته ، فى مكانها مرة أخرى ، من البوم الصور !!!

Saturday 13 September 2008

قصة قصيرة - 19 شارع التبانة


19 شارع التبانة
وقفت عربة الكارو التى يجرها حمار هزيل ، أمام مبنى البوستة بالقلعة ، كان عدد الركاب لا يزيد على أصابع اليد الواحدة ، ومع ذلك كان الحمار يبذل جهداً فائقاً لجر العربة ، فقد كانت الراكبات من السيدات ذوات الوزن الثقيل ، ركب البوسطجى بجانب إحداهن..
فقالت تداعبه وهى تراه محملا بالخطابات : ملاقيش جواب معاك من المنيل جوزى ؟؟ رد البوسطجى بإبتسامة : ياترى هوه مسافر .. ؟؟ردت ضاحكة : لأ ياروحى ، دا طفشان ، وسايب زوربة عيال غير التلات نسوان المتختخين دول وانا الرابعة .سألها ضاحكا : مدورتوش عليه فى مستشفى المجانين ؟؟ردت امرأة أخرى : ينيلك بوسطجى ، دا إحنا كنا مهنيينه ، ولا هارون الرشيد فى زمانه . راحت العربة تخترق شارع القلعة ، يرى على يساره مسجد السلطان حسن ببوابتة الضخمة المزخرفة ، وما زال يرى قلعة محمد على ترتفع شامخة . هبط البوسطجى أمام شارع الشماشرجى ، وبدأ جولته فى توزيع الخطابات ، حتى وصل الى شارع الدرب الأحمر ، فشارع التبانة ..
نعم هناك خطاب 19 شارع التبانة ، على ناصية عطفة الروم ، راح يحدث نفسه ، هذه أول مرة يدخل فيها هذا المكان ، إنه يعرف إنه حمام للسيدات . دخل ممر طويل ، وإنحرف يساراً ، الى ممر آخر ، تكاد تنعدم فيه الإضائة إلا من شباك منير فى أعلى الممر .رفع صوته بالنداء وهو يتقدم : الست أم عصام البنهاوية ، ولا أحد يرد ، فتقدم الى آخر الممر ، فأذا به يفضى الى صالة مربعة واسعة ، يشغل نصفها مصطبة تعلو عن الأرض نصف متر ، وقد رصت فوقها ملابس النساء الخارجية والداخلية ، وكان باب الصالة عبارة عن ستارة عريضة جداً من الكريبتون البنى الغامق .نظر حوله ، لم يجد أحداً، لكنة يصل الى سمعه ثرثرة النساء خلف الستارة ، نظر خلفه وأرهف السمع ، لا أحد قادم .إندفعت فى داخله رغبة فى أن يرى ما وراء الستار..تقدم ببطء ، وأزاح جزء من الستارة يتيح له الرؤية ، إنه كرنفال من النساء العاريات ، داخل الحمام البلدى الواسع جداً ، الذى تتوسطه فسقية مستديرة ترتفع عن الأرض حوالى ربع متر ، محاطة برخام فى عرض مترين ، الفسقية بها ماء ساخن ، وفى وسط الفسقية توجد غلاية مرتفعة بها الماء يغلى ، ويتسلل الماء منها من خلال صنابير خاصة لكى يعطى لماء الفسقية حرارته المطلوبة . كان الجو معبأ بالبخار ، ورأى النساء العاريات بعضهن داخل الفسقية يسبحن أو يأخذن حمام ساخن ، وبعضهن على الرصيف الرخامى حول الفسقية ، رأى إحداهن وقد رقدت على بطنها وإمرأة أخرى تدلك لها ظهرها وأردافها الممتلئة بترهل . رأى اُخرى جالسة القرفصاء وقد إنشغلت بتدليك جسدها بالصابون ، ورأى فتاة جميلة جالسة على الرصيف الرخامى ، وقد تدلت قدميها بداخل المغطس ، يبدوا أنها قد صعدت لتوها من المغطس ، فجسدها إكتسب اللون الأحمر الوردى ، يكاد الدم أن يتدفق منه ، كذلك نهديها المنتصبان كقباب تتحدى ، وشعرها الطويل الأسود وقد إسترسل على ظهرها وغطى ردفيها . لم يتمالك نفسه ، وجد نفسه كالمسحور يتجه نحوها بكل كيانه ، يريد أن يراها عن قرب ، أن يلمسها ..هل إنزلقت قدماه وهو يتقدم كالمسحور ؟؟
صرخت بعض النساء خوفا : آدم ، آدم . وبعضهن رددن ، إمسكوه ، كتفوه .. قام آدم من كبوته ، لكنه كان محاطاً بالنهود والأفخاذ من كل جهة ، قبلته شفاة ، وداست عليه أقدام ، مزقوا ملابسه ، رقصوا له كهارون الرشيد ، وبعد ذلك ، كتفوه ، وألقوا به داخل غلاية المغطس .. صرخ ، وصرخ ، ولم يسمعه أحد ، ذابت صرخاته وسط البخار .أفاق على وقع خطوات فى الممر ..
تراجع قليلا عن الستارة وهو يرفع صوته : الست أم عصام البنهاوية ، مفيش حد فى البيت ده ولا إيه ؟؟أسرعت الخطوات نحوه ، وأقبلت إمرأة ملهوفة قائلة : إيه فيه إيه ؟؟ دا مش بيت دا حمام .. فرد بوقار : بيت ، وللا حمام ، في واحده هنا إسمها أم عصام ؟؟ردت : أيوه ، أنا يأخويا ، فيه إيه ؟؟رد بسرعة : جواب عشانك مسجل ، تعرفى تمضى ؟؟أجابت : لأ ياخويا ، أنا بأبصم ..فرد : طب هاتى صباعك ..
وبقلم الكوبيا علم على إصبعها لأخذ البصمة ، وسلمها الخطاب وخرج ، وما زالت حرارة المغطس تغذى شحنات الرغبة التى إندفعت بداخله
.

Friday 12 September 2008

قصة قصيرة - حوار الأصدقاء




حوار الأصدقاء

هى : ما تيجى نخرج نتمشى فى الجنينة ، أنا زهقت من قعدة البيت
هو : لأ ، أنا لسه جاى من بره ، وتعبان وعايز أنام
هى : ياباى عليك،مفيش حاجة أطلبها منك وتنفذها لى أبداً؟
هو : لأ أبداً ، بس حقيقى تعبان ، أصلى جريت كتير النهار ده فى النادى
هى : آه ، قول كده ، طول النهار بتجرى فى النادى وراها
هو : ورا مين بس ؟؟ أنا كنت مع أصحابى
هى : أصحابك ، عليه أنا الكلام ده ، ده إنت تلاقيك غرقان لودانك ، وأتاريك كل يوم تيجى مش قادر تمشى ، ومتعفر
هو : ياشيخة ، ماتظلمنيش ، ده تراب من الملعب ، تصدقى النهار ده سبقت كل أصحابى ، وكنت بأتمنى تكونى موجودة ، وتتفرجى عليه
هى : يابختك ، كل يوم بتخرج ، تركب العربية ، وتتفسح وتروح النادى ، عينى عليا أنا ، محبوسة على طول ، بالذمة ده عدل ؟؟ أنا حفرقع من جنابى
هو : إيه بس مالك ؟؟ ما إنت قاعده بتاكلى وتشربى ومستريحة ، إنت ناقصك حاجة ؟؟
هى : أيوه ناقصنى ، إشمعنى يعنى إنت تخرج وتتفسح وأنا لأ ، ولا إنت على راسك ريشه ؟؟
هو : شوفى بقى ، طولة لسان لأ ، وبعدين أنا صاحبى بيتباهى وأنا ماشى معاه ، لإنى بحميه ، لكن إنت صاحبتك حتخرجك ليه ؟؟ معقول تاخدك معاها وهى عند الكوافير ، ولا فى حفلة أو سهرة ؟؟
هى : ماتخدنيش ليه ؟؟ ما دامت بتحبنى ، زى ما بتقوللى طول النهار ، وتقعد تحسس على شعرى ، وعلى ديلى ، وتحطلى فيونكات ملونة فى رقبتى
هو : إنت أصلك قطة ، متنفعيش تدخلى فى المجتمعات الراقية والسهرات
هى : وإنت ، ما إنت كلب ، ليه بتخش فى المجتمعات الراقية والنوادى ؟؟
هو : الحيوانات مقامات
هى : ده فى البلد المتخلفة دى بس ، ده أنا سمعت إن فى بلاد الخواجات ، القطط الحلوة اللى زى ، بتبقى مع صاحبتها فى كل حتة ، وحتى لو ماتت القطة يعملولها مقبرة حلوة بالرخام وتيجى صاحبتها كل يوم تزورها وتحط لها ورد
هو : دى عالم فاضيه ، ما تفوقى بقى ، إنت بتحلمى ، إنت حقك تحمدى ربنا على النعمة اللى إنت فيها ، مش أحسن ما كان زمانك مرمية فى الشوارع وبتدورى على الأكل من صفايح الزبالة ؟؟ صحيح اللى إختشوا ماتوا


هى : جاك موتة أما تاخدك ، ده إنت اللى تاكل من صفايح الزبالة لإنك كلب جربان ، أنا عارفه صاحبك مستحملك إزاى ، أما أنا ، فأنا قطة جميلة ، سكرة
هو : حوش ، حوش ، العسل الى بيخر منك ، إنتى ما بتشوفيش نفسك فى المراية ياعفشة ؟؟
هى : أنا عفشة ياأذعر ياجربان ، يأبو نص ديل
ويتم التراشق بالألفاظ ، والنونوة ، والهوهوة ، والهجوم والصراع الأزلى ، ولم يتم فض الإشتباك بين الأصدقاء ، حتى كتابة هذه السطور !!

Thursday 11 September 2008

الدجاجة أولا - أم البيضة - 11

برمج الجهاز بالعديد من المعلومات ، فى كل المجالات
وجلس أمامه ، فشعر الجهاز بوجوده ، فرحب به ، وهو بداية التشغيل
فسأله عن درجة الحرارة ، وفى ثوان رد عليه الجهاز
درجة الحرارة 35 درجة مئويه
سأله : هل ياترى الجو اليوم ، جميل ؟؟
الجهاز : اليوم حار ، وأنصحك بإرتداء الملا بس الخفيفة ، ذات اللون الفاتح
وهنا بدأ الجهاز ليس فقط فى أن يجيب على السؤال ، بل أيضاً يؤدى النصيحة ، ويدخل فى حوار
قال المخترع : ياترى إيه تغيرات البورصة اليوم ؟؟
فأجاب الجهاز بعد أتصاله السريع بكل البورصات العالمية والمحلية
الجهاز : هل تعنى البورصة المحلية أم غيرها ؟؟
وهنا بدأ الجهاز ، يصحح للعالم المخترع ، بأنة لم يلتزم الدقة فى عرض السؤال
شعر العالم بقليل من الخجل ، وتمالك نفسه
وقال : أنى أعنى البورصة المحلية
الجهاز : إن سهم شركة الإلكترونات العصرية إرتفع بمقدار ثلاث جنيهات ، وأصبح سعر السهم خمسة وأربعون جنيهاً مصرياً
وحدث إنخفض طفيف قدره تسعة قروش وخمس وثلاثون مليما فى سهم الشركة المصرية للتأمين على الحياة ، واصبح سعر السهم حالياً عشرون جنيهاًمصرياً وأربعة قروش وثلاث مليمات
قال العالم : عظيم ، عظيم ، وماذا عن أخبار سوق العقارات فى لندن ؟؟
الجهاز : ما زال سوق العقارات فى هبوط مستمر
سأل العالم : هل أستثمر أموالى الآن فى سوق العقارات فى لندن ؟؟
الجهاز : تريث قليلا ، فأن المؤشر العام للحالة الإقتصادية ومعدلات الفائدة والتضخم ، كلها تشير ألى مزيد من الهبوط فى الأيام القليلة القادمة
ثم تابع الجهاز نصائحه : ولكن لماذا لا تفكر فى إستثمارها فى بورصة طوكيو ؟؟ فهناك شركة الطاقة الذرية تعرض أسهمها ، لزيادة رأس المال للمشروع ، والين اليابانى منخفض هذه الأيام نتيجة الإرتفاع الحاد للدولار الأمريكى
وإبتسم العالم ، فها هوالجهاز ، يقترح عليه أيضاً ، يعنى كل شىء ماشى تمام فى البرنامج الخاص الذى صممه وأسماه ، بتاع كله
سرح العالم قليلا ، ففاجأه الجهاز قائلا : أيه ، مقولتليش إيه رأيك ؟؟
فأفاق العالم ، نعم أنه يجب أن يرد على الجهاز ، إنه نسى أنه يدير معه حواراً ونقاشاً
ردالعالم قائلا : لأ ، مفيش داعى اليومين دول ، لأن عندى ظروف شغلانى
ويسأله الجهاز : إيه ، خير ، إيه الى شاغلك ؟؟
فيردالعالم : أبداً ، بس مراتى بصحة شويه
فيرد الجهاز : أن هذا شىء يجب أن يسعدك
وفوجىء العام ، ولكنه سرعان ما إكتشف أنه أخطأ فى نقل المعلومة للجهاز ، فكلمة بصحة ، تعنى صحة وليس مرضا ً
فأصلح من رده قائلا : أقصد أنها تعبانه شويه
الجهاز : من ماذا تشكو ؟؟ هل أستطيع أن أساعدك ؟
العالم : والله هى اليومين دول بيجيلها دوخة كده ، ورغبة فى الإسترجاع وهبطانه ونفسها فى الفسيخ
الجهاز : مبروك ياعزيزى ، إنها علامات الحمل ، ولكن حذارى من الفسيخ ، فقد إرتفعت معدلات الوفيات فى الفترة الماضية ، نتيجة لتناول الفسيخ
العالم : لا ، لا ، مش حامل
الجهاز : كيف يارجل ؟ هل بدأت البطن تنتفخ ؟؟
العالم : أيوه ، بس برضه هى مش حامل
الجهاز : اليست هى فى سن الإنجاب ؟؟
العالم : نعم
الجهاز : هل كنت بعيدا ، منذ فترة ، وما مدتها ؟؟
العالم : نعم ، كنت مسافر لمدة سنة
الجهاز : هل أنت متأكد من هذا الرقم ؟؟
العالم : طبعا سفرى كان لمدة سنة
الجهاز : إذن هى أعراض الحمل الكاذب ياعزيزى
العالم : يبدو ذلك ، شكراً
وقام العالم مبتعداً عن الجهاز ، الذى يطفأ اتوماتيكياً
والآن الأجهزة والإنسان ذو العقل الصناعى ، هل هو كخلق الله ، أنها آلة بلا مشاعر ، أو أحاسيس ، مبرمجة كما يريد صاحبها ، وتبعا لكمية المعلومات ، تقدم له فائدة أو تساعده فى أداء أعماله ، ولكن كل حواس هذه الآلة ، وإن كانت عيناً فهى لا تستمتع بما تراه ، وإن كانت سمعاً فهى لا تستمتع بما تسمع ، وإن كانت لمساً فهى لا تستمتع بالملامسة ، وإن كانت شماً فهى لا تستمتع بالشم ، وإن كانت ذوقاً فهى لا تستمتع بألذوق
آلة ، لا تحب ولا تكره ، تفكر وتجيب ولكنها لا تتفكر وتتخيل ، لا تسبح فى بحر الكون وتشعر بجماله ، وهى لا تستطيع أن تنمو وتتكاثر ، وتحمل وتلد ، وترضع وليدها وتحنو عليه وتضمه الى صدرها بكل الحنان والحب
فمهما صنع الإنسان من أجهزة وآلات ، فهى لن تساوى حياة خلية واحدة
ولن يستطيع الإنسان الوصول الى صنع خلية واحدة حية ، حتى بألرغم من معرفته لكل مكوناتها ، وحتى لوتوافرت كل هذه المكونات المادية تحت يديه ، لأن كل هذا لن يخلق حياة
فالذى يخلق الحياة ، هو الله ، خالق الكون بكل ما فيه من حياة
وخالق الأرض ، والبشر ليعمروا الأرض ، ويخوضوا الصراع مع قوى الشر ممثلة فى الشيطان ، ومسلحين بالعقل ، منحة الله للإنسان ، ومحل إختياره ، والذى بواسطته يكتشف الكون من حوله ، ويسعد بحواسه ويرقى ويسمو ، ويهتدى لرسالة السماء ، فيقبل على الله مختاراً وليس مسيراً
ولذلك هل يريد المتطرفون الجهلاء ، أن يجعلوا من المجتمع ، مجتمعاً مبرمجاً آلياً ، مثالياً
فلنفترض معهم وجود هذا المجتمع الملىء بالحب ، الكل يؤدى واجباته سليمة ، لا توجد خيانة ، ولا أحد يسرق ، ولا أحد يقتل ، ولا أحد ينصب ، ولا أحد ينم فى حق جاره أو أخيه ، فلا يوجد تأثير للشيطان على نفوسنا
هل هذا المجتمع المبرمج هو ما يريدون ؟؟
هل هذا هو المجتمع المثالى ؟؟
أن عباداتنا فى هذه الحالة لربنا ، ليست نابعة من أى معاناة ، فلا شىء يغوينى على إرتكاب الآثام والشرور وأقاومه ، والجميع كذلك مثلى ، لا توجد إمرأة تغوينى ، وأقاوم الشعور بداخلى ، لم أتعرض لضائقة مالية ، والمال أمامى وأفكر فى أن أسرقه ، وأقاوم هذا الشعور
إذن أنا مؤمن مجبر ، مؤمن رغماً عن أنفى ، فلا يوجد شىء خطأ فى ، نفسى ، أو من حولى ، الكل مبرمج
فكيف لا أكون مؤمنا فى هذا المجال
ولكن ، هل يريدالله هذا المجتمع المؤمن المبرمج ؟؟
كلا ، وألف كلا
فلم يدخل الإنسان هنا ، وبعقله أى نوع من الإختبارات ، ولم يصارع أى شرور ، حتى يفوزبالجنة ، التى وعده الله ، فى حالة إقباله عليه بوعى وإرادة ، وعبودية كاملة
هذه الدنيا بكل مباهجها وشرورها ، هى التى يريدها الله كدار للإختبار ، حتى قيام الساعة ، ولكل إنسان فيها دوره ، الذى سيسأل عنه ، ماذا قدم له هذا العقل ، وكيف إستعمله ؟؟ وكيف كان صراعه فى الحياة مع الشيطان ؟
هل كان ضعيفاً ؟؟ أم قوياً ؟؟
إن كل إنسان منا ، وكأنه حصان يجر عربة تتحرك على عجلات ، تحاول أنتندفع للأمام ، والشيطان يحاول أن يمسك بمؤخرة العربة ليجذبك الى الخلف ، أو على الأقل يجعلك لا تتحرك الى الأمام ، لأن الحركة الى الأمام تمثل إندفاعك الى طريق الهدى والنور ، والشيطان يحاول جذبك الى الخلف الى طريق الضلال والفساد ، أوعلى الأقل يحاول أن يمنع حركتك ونظل فى حالة الصراع والتردد ، إننا نعلم أن لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الإتجاه
فكما أن الحصان يريد أن يتحرك فى إتجاه الهدى بقوة ، فكذلك العربة بما فيها من شيطان تجذب الحصان للخلف بنفس القوة
ولكن نتيجة لإختلاف مركز تأثير كل قوة ، يكون للحصان النصر ، ويتقدم ، لأن مركز تأثير قوة جذب الحصان هوعلى العجلات التى تدور على محور ، وهذا شىء سهل
أما مركز تأثير شد العربة للحصان تكون فى أقدامه وحوافره ، التى تثبت فى الأرض ، نتيجة لإرتفاع معدل الإحتكاك بين قدم الحصان والأرض
فيكون تأثير جذب الحصان هنا للعربة هو الأقوى ، وتتحرك العجلات
وكلما زادت قوة تثبيت أقدام الحصان ، تزداد قوة الدفع الى الأمام ، وتدور العجلات بسرعة أكبر وأكبر
وهنا لن يستطيع الشيطان إيقافها ، وإن كان ما زال يركبها ، ليتحين فرصة أخرى ، حين يتوقف الحصان ، فيحاول الشيطان مرة أخرى ومرات ، ومرات
وأنت أيها المؤمن القوى ، أنت فى مكان هذا الحصان ، تقود عربة الحياة ، ويتشبث فيها الشيطان طوال الرحلة ، فكلما كانت قوتك وعزمك ووضوح رؤيتك ، فإنك ستندفع الى الأمام دائماً
ولا تنس ، حتى لوتوقفت قليلا ، فيجب أن تكون قدماك ثابتتان بقوة على أرض صلبة
أو شد الفرامل ، لو راكب سيارة ؟؟
لأنك على مرتفع ، حتى لا تنحدر الى القاع
وهناك لا حتلاقى دجاجة ، ولا بيضة ؟؟؟

Wednesday 10 September 2008

الدجاجة أولا - أم البيضة - 10

إذاً خلق الدجاجة أولا أم البيضة ؟؟ هو سؤال بيزنطى غبى من أسئلة عديده لا هدف ورائها ألا الجدل لتقود الفكر لطريق مسدود ، مثل لكل خلق خالق ، فإذا كان الله خلق الخلق ، فمن خلق الله ؟؟ وهذا يكشف تفكير الكونيين ، الذين يقولون أن الكون خلق بتلقائية ، فتوافر العناصر ، والماء ، أوجدت أنواعاً بدائية من الخلايا المختلفة ، فتشكلت وتكاثرت بالإنقسام الخلوى ، وكل نوع أدى الى كائن معين
أى غباء هذا ؟؟ولنسأل هؤلاء وبنفس طريقتهم فى التفكير ، ومن أين أتت العناصر ؟؟ ومن أوجدها ؟؟ وأوجد ذراتها ؟؟
وكيف إنقسمت الخلايا ؟؟ وعلى أى شىء تغذت ؟ وإذا كانت البيضة فكيف تكونت القشرة ؟؟ وإذا كانت كائنات سديية ، فكيف تكون الرحم الذى سيحتضن الخلايا التى تتكاثر ؟؟ أم سيخرج المولود من بيضة ؟؟ ولو إفترضنا ذلك وخرج المولود من بيضة ، فمما سيرضع ؟؟ أم أنه سيقوم ويأكل النبات ويصطاد الحيوانات ؟؟
أفكار غبية ، غباء من يسألها ، أنه فقط لا يريد أن يعترف بأن هناك إله للكون ، قادر على أن يقول للشىء كن فيكون ، خالق كل شىء وخالق الناموس
هو الله ، الذى شق البحر لموسى ليعبر وقومه ، ولم يكن موسى ليقدر بذاته على شق البحر
هو الله ، الذى أحيى الموتى على يد عيسى ، ولم يكن عيسى ليقدر بذاته على إحياء الموتى
هو الله ، الذى أسرى بمحمد صلى الله عليه وسلم ، من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ، وعرج به الى السماء العلى
هو الله ، خالق الناموس بمقاييس ونظام أزلى ، وخلق الأرض داراً للإختبار ، وخلق الإنسان خليفة فى الإرض ، يصارع قوى الشر ، ويعبده مختاراً ، فتحق له الجنة
والجنة ، عالم آخر ، بناموس آخر ، والنفس المؤمنة التى ستدخل الجنة لن تكون فى حاجة الى الجسد الأرضى ، فقد أدى الجسد الأرضى بعناصره دورات مختلفة ، فهو فى النبات والحيوان والبشر والجماد والسوائل ، تدور تلك العناصر من جيل لجيل ، فى دورات مختلفة
ولذلك سيأتى المؤمنون على صورة رجل واحد ، هى صورة أبيهم آدم
وفى وصفهم ووصف حياتهم فى الجنة ( لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة وعود الطيب ، أزواجهم حور العين على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً فى السماء ) متفق عليه
فهى حياة أخرى غير الحياة التى نعيشها ، بمواصفات أخرى ، ليس فيها الشرور ، لأنه لن يكون هناك الشيطان ، فلا يوجد تباغض و كراهية وأحقاد
وفى رواية للبخارى ومسلم ( آنيتهم فيها الذهب ، ورشحهم فيها المسك ، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن ، لا إختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم قلب رجل واحد ، يسبحون الله بكرة وعشيا
وفى وصفهم كذلك ( إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدرى الغابر ) أى فى السماء
الله القادر ، خالق الجنة والنار ، والأرض دار إختبار ، وخلق كل الكائنات من ذكر وأنثى ونفخ فيها الحياة فراحت تتكاثر وتعمر الكون ، وتحقق الهدف من الحياة ، فمن كان منها مسيراً فهو يمضى لما سير له
وكان الإنسان خليفة فى الأرض ، للإختبار ، ووهبه العقل ليتدبر ويتفكر ويبدع ويبتكر ليصل الى خالق الكون ويعبده مختاراً
ولكن الإنسان فتن بعقله ، وبإبداعاته ومخترعاته وإبتكاراته ، ويصفق لكل إكتشاف جديد ، مع إنها إرادة الله ، أن يمكن له المادة ، ويكشف له أسرارها
إكتشف قوة الرياح ، وقوة البخار ، وقوة الماء ، وإكتشف الكهرباء ، وصنع الآلات ، صنع الدراجة والسيارة والقطار والباخرة والطائرة والصاروخ والأقمار الصناعية ، ودخل عصر الإلكترونات والإتصالات اللا سلكية ، وإخترع أجهزة ألإستقبال والإرسال عن بعد ، وكذلك فى مجال الإنسان الآلى ، أو العقل الصناعى ، فهو يستطيع أن يجهز الآلة بحاسة البصر ، بعدسات وأجهزة خاصة ، تستقبل إشارات خاصة ويكون لها ردود فعل مبرمجة ، فهذا مصباح صغير فى الظلام يضىء وإذا سقط عليه شعاع ضوء تفتح الدائرة فيطفأ المصباح ، وقد تكون عين مركبة على سيارة تسير ، فإذا سقط شعاع اللون الأحمر فى إشارة مرور ، أعطت إشارة الى محرك السيارة بالتوقف ، واللون الأخضر يعطى إشارة البدأ فى السير
وحاسة اللمس ، أدخلها فى أجهزته ، فلمسة بسيطة على جهاز الفيديو تستطيع أن تؤدى عملياته المختلفة
وقدتكون هذه اللمسة شعاع عن بعد يسقط على خلية حساسة خاصة ، فتؤدى العمل المطلوب
وأدخل حاسة السمع ، فيستطيع الجهاز تلقى الإشارة السمعية ، كالتليفون الذى يستقبل الإشارات الصوتية ويترجمها الى أرقام ، ويطلب لك لرقم الذى تريد الإتصال به ، دون أن تلمسه
وحاسة الذوق ، فأصبح الجهاز معملا للتحاليل ، فتضع فيه المادة المجهولة ، وفى فترة زمنية قصيرة يعطيك النتائج عن هذه المادة ، مثال التحليل الطيفى للمواد ، وغيرها
حتى حاسة الشم ، أوجد لها الأجهزة التى إذا تعرضت لرائحة معينة تعطى إنذاراً معيناً ، مثل أجهزة الإنذار للغازات أو الأدخنة أوالحريق
ولم يكتفى بذلك بعد أن نجح فى عمل جميع الحواس ، فراح يجرب العقل ، فلما لا يكون هناك عقل صناعى قادر على التصرف وإتخاذ القرار ، وبرمج الجهاز بالعديد من المعلومات فى كل المجالات
وجلس أمامه ، فأحس الجهاز بوجوده ، فرحب به ، وهى بداية التشغيل
وغدا نكمل

Tuesday 9 September 2008

الدجاجة أولا - ام البيضة - 9

إن هؤلاء المتشددين والمتطرفين لم يفهموا الكون على حقيقته ، ولا حتى الأديان والرسالات
فالدعوة الى طريق الهدى تكون بالحكمة والموعظة الحسنة ، وليس بالضرب والقتل والتكفير وإستباحة الدماء ، إلا إذا تعرض الداعى الى المقاتلة ، أما محاولة أن نفرض بالقتال والضرب المجتمع المؤمن المثالى ، الذى لا توجد فيه الفواحش ، فهذا لن يحدث ، لأن حكمة الله فى خلق آدم هكذا ، أن يكون هناك الإختيار ، فوجود الشرور ضرورة هنا ، وإلا ما أمهل الله إبليس حتى قيام الساعة
إذن فلا بد من وجود الشر ، ولابد أن توجد الرسالات لتنير الطريق للدعوة ، ولا بد للإنسان أن يخطىء ، وأن يستغفر سورة آل عمران ، آية 135 ( والذين إذا فعلو فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )
إن هذا لدليل على أن الإنسان فى صراعه وتأ رجحه بين الخير والشر ، سيخطىء وقد يرتكب الفواحش ، وقد يتوب ويستغفر ربه ، عند رؤيته لنور الهداية ، ويلوم نفسه ، وليس لأن هناك من يرهبه ويضربه
إن رسول الله يستغفر ربه ، فعن أبى هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعلى بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم ) رواه مسلم
وعن أبى هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله أنى لأستغفر الله وأتوب اليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخارى
وحديث قدسى ، عن أنس رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( قال الله تعالى :ياإبن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك على ما كان منك ولا أبالى ، ياإبن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم إستغفرتنى غفرت لك ولا أباللى ، ياإبن آدم إنك لو أتيتنى بقراب الأرض خطايا ثم لقيتنى لا تشرك بى شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) رواه الترمذى
بكل هذا ، بآيات الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وما زال هناك من يكابرون ، وكأنهم قد نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين ، يحرمون ويحللون ،ويكفرون ويغيرون المنكر بالبطش والقتل ، ولا يعلموا أنهم هم الأكثر بعداً عن الدين ، وهم الذين ينشرون فى الأرض الفساد ، فالإرهاب هو أكبر صور الفساد
أنظر الى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أحل الله فى كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فأقبلوا من الله عافيته ، فإنه لم يكن لينسى شىء )
ولكن الإرهابيون بإسم الإسلام ، والأسلام منهم برىء ، يحرمون ويحللون من عند أنفسهم ، ويكفرون ويعطون صكوك الإيمان والغفران من عند أنفسهم ، متى يفيق هؤلاء ؟؟ويعود اليهم وعيهم ؟؟
كيف تكفر إنساناً لم يشرك بالله ؟؟حتى لو كان يرتكب كل الفواحش ؟؟
كيف تجرؤ على أن تقتله ، وهو لم يقاتلك ؟؟
هل علمت الغيب ؟؟ فإنه لربما هذا الإنسان الذى إرتكب كل الإثموالفواحش طوال حياته ، ربما أفاق وسما عقله وفكره ، وتسامت نفسه وأقبل على طريق الهدى بكل جوارحه ، بإيمان عقلانى زاتى ، وليس تحت أى تأثير إرهابى
وكيف تحكم بقوة إيمانك فى شبابك ، وقد تتعرض لإغواء الشيطان فى شيخوختك فتضعف وتغرق فى الرذائل والمنكرات والفواحش ؟؟ هل معك تأكيد بأنه لن يحدث لك ذلك ؟؟ وأنه لو حدث فأنك ستنجح فى الإختبار
ستقول ( لو كنت منصفاً فى قولك ) : أننى لا أعلم الغيب ، الله وحده عالم الغيب
إذن لا تكون مغروراً ، حتى لو كان بإيمانك ، فالإيمان يجب أن يهذب نفسك ويزيد من تواضعك وإتزان عقلك وقلبك ، وأن تهدى الى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وليس بالجنازير والسلاسل والسيوف والسكاكين
وكن على يقين ، بأن الأرض خلقت دار إختبار ، ولا بد أن يكون فيها الفساد بجانب الخير
، وبأنك لن تجعلها جنة ، فأنت بهذا ضد إرادة الخاق وحكمته
كل ما عليك أن تحارب الفساد فى نفسك ، وتتغلب على نزعات الشيطان داخلك ، وأن ترعى أسرتك وتهديها وترشدها بالحكمة والموعظة الحسنة والصبر الجميل ، وأن تهدى أ صدقائك ومعارفك بالكلمة الطيبة ، هذا هو طريق الدعوة فى حدودك
وإمام المسجد والعلماء لهم حدود أكبر ولكن بنفس الحكمة والكلمة الطيبة والإرشاد المستنير الصحيح البعيد عن الغلو وهذه حدودهم
ثم الحاكم والحكومة ، اى الأفراد المخولين من الشعب بتولى مسؤلية المجموع لما فيه الصالح العام ، فكل فى نطاقه مسؤل عن سد الذرائع ايضاً والتوجيه إعلامياً ، وتطبيق القوانين والعقوبات على من يعيث فى الأرض فساداً ، ويهدد أمن المجموع بإرهابه الفكرى أو المعنوى أو المادى
وهناك قصة تحضرنى
أن شيخا عالماً مر على قروى ، وكان الشيخ سيركب فلوكة لتعديه الى البر الثانى من الترعة ، وعندما إقترب أكثر لاحظ أن القروى يصلى بطريقة خاطئة ، فما كان منه إلا أن عنفه وقال له لا تقبل صلاتك هكذا
فطلب منه القروى أن يعلمه ، فراح يعلمه كيف يصلى ، ثم تركه وركب الفلوكة
وفى منتصف الطريق فى الماء سمع صوت القروى يناديه ، فإلتفت نحوه فوجده يجرى فوق سطح الماء حتى وصل اليه وهو يقول له : ياسيدنا الشيخ ، لقد نسيت بعض ما ذكرته لى فى صحة الصلاة
فنظر إليه الشيخ العالم وقال له : بل أنت سيدى ، إذهب الى ربك وصلى كما كنت ، ولا تنس أن تدعو لى بالهداية

ألا نأخذ من هذه القصة عظة ، ألا نحكم بالمظاهر ، وأن علاقة الإنسان بربه علاقة لا يستطيع أى إنسان أن يقيمها
ونستفيد أيضا من هذه القصة بأن لا نعنف إنساناً ، ونصفه بالجهل
والآن ، فما بالك لو حدثت هذه الحادثة اليوم ، وكان أحد المتطرفين رأى هذا القروى يصلى بطريقة خاطئة ، فهو لن يعنفه فحسي ، بل سيصفه بالكفر
ان الله قادر على كل شىء ، لو أراد أن يجعل هذا الكون بلا أخطاء ، لقال كن فيكون
إنه خالق لناموس الحياة ، وهو وحده القادر على كسر ناموس الحياة
أنه كسر الناموس لهذا القروى البسيط فراح يجرى على سطح الماء وكأنه يسير على سطح الأرض
ويرى الإنسان هذا ، ويصفه بأنه شيىء خارق ، أى خارق للعادة ، ضد قانون الجاذبية التى عرفناها
والخوارق تعرفنا ، لمن يتدبر الكون بعقله ، بأن هناك خالق لهذا الكون ، يسيره بنظام ، وهو القادر على أن يكسر هذا الناموس ، فهو القادر ، وحتى لا يسأل الإنسان أيهما بدأ أولا خلق الدجاجة أم خلق البيضة ؟؟
وغداً نكمل

Monday 8 September 2008

الدجاجة أولا - أم البيضة - 8

نأ تى للنقطة الثالثة ، فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان
وأقول : أن هذه هى أصعب المواقف وأشدها ، لأنها التى تحتوى على العنف ، ولذلك هى تنحصر مرة أخرى فى كل راع لرعيته ، فأنا أحصرها فى أسرتى ، ولا يحق لى أن أتعدى هذا النطاق ، فكل فى رعيته ، والدولة هى المسؤلة عن كل الرعايا
أقول تحتوى على العنف ، لأنها إرتبطت بالقلب ، وبالطبع المقصود هنا القلب الضعيف ، لأنه يقارنه بالإيمان الضعيف وهو ما قلت أنه القلب الذى يستثار بسرعة فيتدفق الدم فى الشرايين ، ويفرز هرمون الأدريالين فى الدم بجرعات أكبر ويكون الغضب
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن القوى خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير
قلنا أن المؤمن الضعيف هنا هو ذو القلب الضعيف الذى يستثار بسرعة فيغضب حتى لو كان للحق أحياناً ، ولذلك قيل أنه فى كل خير ، ، ولكن الأفضل منه المؤمن القوى ، أى من يتمالك نفسه عندالغضب ، فهذا ذو القلب القوى ، وهذا ينجح دائماً فى تغيير المنكر فى الحالة الأولى بسد الذرائع ، وفى الحالة الثانية باللسان العاقل ، ذو القلب القوى الذى لا يستثار ، ذو النفس الطويل كما يقولون ، حتى لو ظل المنكر يجادله طويلا ، فهو له الحجة الواضحة
ولكن الحديث يشير الى أذا لم يوجد هذا النفس الطويل وتعب المجادل ، لأن المنكر ما زال فى بيته ، ولم تشفع النصيحة والحوار ، فأن وصل هذا المؤمن الى أن استثار قلبه فتدفق الدم ووصل الى الغضب ، وعنف أهل بيته أو ضرب إبنته تحت هذا الجو الإنفعالى ، فلا بأس من ذلك ، مع أن هذا أضعف الإيمان ، لأن بالهدوءوالإقناع والصبر وطول البال وسياسة النفس الطويل فى داخل أسرتك هى الأفضل عند الله ، لأن الله يريد أن ينفذ الإنسان الشىء بإقتناع عقله ، وليس بإرهاب حواسه ، لأنه عنصر التخيير المطلوب دائماً
والوالى هنا ناصح لوليته ، بالرغم أن هناك ناصح قبل منه ، وهم الملائكة ، اللذين بمجرد أن يلهم الشيطان النفس شيئاً ويزينه لها ، تدخل الملائكة طرفا لتوضح الحقيقة ليتحرك العقل وتدور الفكرة فيه فى تصارع بين الصح والخطأ
ولكن المتشددون والراغبين فى لوى حقائق الإمور ، يفسرون ، أوبمعنى آخر يشرحون الحديث بما لا تحتمله الكلمات ، ويتبعون اللفظ كالآتى : من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان
فيشرحون أن التغيير بالقلب أضعف الإيمان ، ولم يفهموا معنى التغيير بالقلب ، ومن ثم اللسان أقوى إيمانا ، ثم بالتالى اليد هى الأقوى إيماناً ، وهم يريدون أن يكونوا أقوى إيماناً ، فإذاً لا بد من التغيير باليد
والترتيب صحيح ، ولكن الفهم هوالخاطىء
فالتغيير بأليد هو الأقوى إيماناً ، لأنه فعل ، وهو سد الذرائع ، وكل فى نطاق أسرته ، والدولة كل فى نطاق عمله
إذا غير كل فرد وكل والى وفعل هذا الفعل فعلا وسد الذرائع عن المنكرات ، فهذا أكبر شىء يحبه الله ، وكيف لا يحب الله والياً يسد الذرائع على المنكرات قبل أن تحدث ، إن هذا ما يريده فعلا ويطالبنا به
فإذا طالبنا بغض البصر ، فهى لسدالذرائع ، والمؤمن القوى هو من يستطيع أن يفعل ذلك فعلا
ولماذا طالب النساء بأن يسدلن من جلابيبهن ، وألا يضربن فى الأرض ؟؟ أليس خشية أن يطمع الذين فى قلوبهم مرض ، اى قلبهم مريض أى ضعيف أى يستثار بسرعة وتتدفق الدماء فى الشرايين وتستثار الشهوات ، إذن الطلب هو لسدالذرائع ، ومن إستطاعت أن تفغل ذلك فهى مؤمنة قوية
وأعود فأقول إذن التغيير باليد هو الأقوى إيماناً ، لأنه فعل سد الذرائع ، وكل مسؤل عن نفسه وعن رعيته
وثانياً : فإن لم يستطع فبلسانه ، فهو بإيمان قوى ، لأنه يتضمن النصيحة والإرشاد ، والعقل والحجة ، والقدرة على المواجهة ، وهو للإنسان فى نطاق أسرته وأصدقائه ومعارفه ، ولكبير الحى فى حيه ، ولشيخ القبيلة فى قبيلته ، وللحاكم فى إمارته أو بلده
وثالثاً فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان ، أى هذا هوالأقل إيماناً ، لأنه الأكثر عنفاً ، وينتج عن القلب الضعيف بما يستثير الغضب وعدم التحكم و القدرة فى تمالك الأعصاب
ودعونا نناقش المجادل فى ذلك بطريقة أخرى ، بأن نأخذ أيضاَ بحرفية اللفظ
فى حالة المرأة الغير محتشمة ، التى ترتدى ثياباً خليعة ، وتتحدث بطريقة مثيرة ، وأنا رئيت هذا المنكر ، لأنها تتوجه لى مثلا بهذه الملابس الخليعة وبهذا الحديث المبتذل ، فأنا أريدأن أغير هذا المنكر بيدى ، حسناً ، فسوف أخلع ردائى وأغطيها به ، فأحمى عينى من ذلك الرداء الخليع وبذلك أكون قد غيرت هذا الملبس الخليع لرداء محتشم بيدى ، وبما فعلته ، ألم أغيره بيدى فى هذه الحالة ؟؟ وتتفق مع التسلسل الطبيعى وهو اللين وسد الذرائع
ولكنها تحدثنى بأبتذال فماذا أفعل ؟ إذن أنا لم أستطع بما فعلته من وقف إبتذالها فى الحدبث ، فأبدأ معها بألحديث نصحاً وإرشادا ً ، وبعقل ، وبذلك أكون قد تدرجت معها ، وأكون قد حققت لفظياً فإن لم يستطع فبلسانه
ولنفترض أنها لم ترتدع بما فعلت ولم يؤثر فيها كلامى ، نأتى الى النقطة الثالثة فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان ، أى فى هذع الحالة سأتركها وأنا أدعو أن يهديها الله وينير لها الطريق الصحيح
اليس هذا التفسير اللفطى فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان ، لأننى لم أستطع معها شيئاً أفعله إلا وفعلته ، ولكن ما باليد حيلة
هل يعجبهم هذا التفسير اللفظى ؟؟ وهل إذا كانت إبنتى أو زوجتى أوأختى وشاهدت عليها منكراً فى لبسها الخليع أو حديثها الأكثر خلاعة ، وسترتها بالرداء وحدثتها ونصحتها ولم ترتدع ، هل أتركها وشأنها ؟؟
أتوقع أن الأصح هو إتباع
أولا :التغيير باليد ، وهوسد الذرائع
ثانياً : التصعيد بالنصح والإرشاد والتوجيه وهو باللسان
ثالثاً : بالمقدرة على الإستمرار فى النصح ، والصبر وطول النفس ، كمؤمن قوى ، ذو قلب قوى ، أو حتى المؤمن الضعيف ذو القلب الضعيف ، الذى قد يعنف ويضرب إبنته أو أخته أو زوجته ، ويستخدم بذلك أقصى الدرجات ، وهذا هو فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان
فهذا العنف هو أضعف الإيمان
إذن العنف ليس من اليد للمؤمن القوى ، وإنما من القلب الضعيف لمؤمن ضعيف
وغداً نكمل

Sunday 7 September 2008

الدجاجة أولا - أم البيضة - 7

ولكن إذا كنا نتكلم عن العقل ، فما دخل القلب ؟؟ وهل هو الآخر له القدرة على التفريق بين الخير والشر ؟؟
إن الشرع ، وكتاب الله ، يأمر المرأة بالإحتشام ، حتى تتقى من فى قلوبهم مرض ، كيف يحدث هذا ؟؟
أن من يرى إمرأة غير محتشمة ، الشيطان يلهم النفس بالهوى ، ويزين له الغواية ، والملائكة تلهم النفس بكف البصر ، ويتصارع الإلهام داخل العقل ، فالقلب القوى سيرتدع ويهدأ ، والقلب الضعيف المستثار ، ستتدفق الدماء ويزداد النبض فى العروق ، وتفرزإنزيمات تزيد من الإستثارة ، وتكون النتيجة ، لحظة ضعف ، يقدم فيها الإنسان ذو القلب المريض ، بعمل ما ، يخل بناموس الحياة
ماذا وعده الشيطان ؟؟ مواقعة حسية للإستمتاع قد يصل اليها
ولماذا تمنعه نواميس الحياة ؟؟ ومنهاج السماء
حتى يتحقق العدل
دعنا نترك أن الله سيكافىء المؤمن القوى بالجنة لإنه حقق أوامر الله وإبتعد عن الشرور . ودعنا نجادل هذا الإنسان ضعيف القلب
ونقول له : حتى ولو لم يكن هناك عقاب ، حتى ولو لم يكن لك عقل يتدبر ، فلنفترض أنك أحد الكائنات ، وليكن طيراً أو حيواناً ، ومن منطلق العدل فقط ، اى أن تسمح لغيرك بما تسمح به لنفسك
أقول : أذا فعل أى فرد أو حيوان إقترب من مملكتك ، وحاول مواقعة وليفتك ، فماذا ستفعل ؟؟
ستقول ، أقاتله ، أقاومه ، أدفع الضرر عن مملكتى
إذن ياإنسان ، وبأقل قدر من الرجولة ، والنخوة ، ماذا ستفعل فى من يقترب من أمك أو زوجتك أو أختك أو إبنتك ؟؟، ولنفترض أن أقل شىء هو أنك ستصفعه على وجهه فقط
والآن هل أنت مستعد أن تسير فى جماعتك و عشيرتك وبلدك ، وتتلقى كل يوم عشرات أو مئات الصفعات على وجهك ، ليس إلا
بالطبع ستقول : لا ، إذن لهذا جاء الرسل ، بالمنهاج ، ليتحقق العدل ، وليحميك ويحمى أسرتك ، قبل أن يحمى المجتمع ككل من نغزات الشيطان ، فينير لعقلك الطريق الى الحق ، ولتشكر الله على ما أنعم عليك بهذه الحواس ، لتستمتع بها بحرية ، وبعدل ، لا يتعدى حدود حرية الآخرين
إن الحرية ، بلا قيود وبلا حدود ، نقمة على الفرد قبل المجموع ، لأنها من واقع نزغات الشيطان ، فتنتشر الموبقات والأمراض وشتى الشرور ، ويضيع العقل ، الذى خصه الله للإنسان عن مخلوقات كثيرة ليرقى به ويسعد به ، ويتدبر خلق الله فى كونه ، وليشكره على نعمه ، وعاش آمنا
إن الفطرة ، والعقل السليم يقودان الى هذه النتيجة ، التى تأتى بها الأديان ، لتكون العلاقات بين الناس آمنة ، فى حدودها السليمة ، وهذا التدبر والتفكر سيؤدى الى النتيجة الثانية ، وهى عبادة الله وشكره ، على هذه النعم ، إن الله لا يستفيد من العبد بصلاته وصيامه وزكاته ، بل الإنسان هو المستفيد ، والصلاة إذا لم تنهاك عن الفحشاء والمنكر والبغى ؟؟ فكيف يخيل لك عقلك أن الله يقبلها منك ؟؟ إذا كانت هى وسيلة منك لتشكره على نعمه ، وإنك لم تفعل إلا عكس ما طلبه منك ، ففعلت الفحشاء وإرتكبت المنكر ، وظلمت
إن الإنسان يؤدى العبادات شكرأ لله على نعمه ، وأفضلها نعمة العقل ، الذى هداه الى حقيقة الكون ، وحقيقة الخير ، فى صراعه مع الشيطان ، وتهذبت نفسه وحواسه ، بما لا يخل بناموس الحياة ، فيصبح هو المؤمن القوى ، الذى لا يستطيع الشيطان أن يلعب على حواسه وغرائزه ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : المؤمن القوى خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف ، فمن هو القوى ؟؟ ومن هو الضعيف ؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القوى فيكم ليس بالصرعة ، ولكن من يتمالك نفسه وقت الغضب أى القوى هو من لم يستثار قلبه ويتدفق الدم فى عروقه ويكون ثائراً ، فهذا هوالقلب الضعيف كما قلنا ، ولكن المؤمن القوى هو ذو القلب القوى لذى لا يستشاط غضبا ، أى الذى يكون عقله فى حالة إتزان
ولذلك فأن الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فأن لم يستطع فبلسانه ، فأن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان
الذى أراه أن من يفسر هذا الحديث يفسره معكوساً تماماً ،
فيفسرون ، فلو رأى منكراً فليغيره بيده ، اى بالقوة والإعتداء والضرب والقتل ، فلو رأى إمرأة مبتذلة لصفعها على وجهها ، ولو رأى سكيراً ، لأنهال عليه ضرباً ، ولو شاهد شاباً مفطراً فى نهار رمضان ، لإنقض عليه بيديه ليقتله
ويفسرون ، وإن لم يستطع فبلسانه ، أى فأن رأى أمرأة مبتزلة سبها وأهانها ووصفها بالساقطة والداعرة ، وأن مأواها جهنم ، ولورأى سكيرأ ، لإنهال عليه تقريظاً ، بأنه إنسان مهزأ وغير محترم وسافل ومسخرة ، وإن السم الهارى الى بيشربه أولاده أولى بثمنه ، وإن شاهد مفطرأ فى نهار رمضان ، تحمس وقال له : مش مكسوف على دمك وإنت زى الشحط وفاطر ، طب ياأخى أذا بوليتم فإستتروا ، ولكن خلاص مبقاش فيه حيا ولا أخلاق ولا دين ، ما إنت لو كنت لقيت حد يربيك كنت ... وكنت ...، وقد تمتد المشاجرة وتتصاعد ليطبق المؤمن البندالأول ، بدلا من الثانى ، أى يغير المنكر بيده
ويفسرون ، ومن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان ، أى لو وجد إمرأة مبتذلة ، ولكنه لا يجرؤ أن يلمسها ، قد يكون لها مركز مؤثر ، أولها ثقلها فى المجتمع ، وأيضاً لا يستطيع أن يهينها أو يوبخها ، فهنا يلجأ بدعواته القلبية عليها أن ربنا يبتليها ببلوة أوبكارثة ، تجيب أجلها ، وإذا شاهد السكير ، وقد يكون رئيسه المباشر فى العمل ، ولا يستطيع حتى أن يكلمه ، فيتوجه بقلبه أن زوجته تكدر عليه حياته ، ولا عربيه تخبطه وتخلص المجتمع من أمثاله ، وإن رأى الشاب المفطر فى رمضان ، ولكنه أبن حسب ونسب ، ولا يقدر أن يكلمه ، فيتوجه بقلبه ، إن ربنا يرزقه بمصيبة هوه وأبوه كمان ، ربنا يرميه فى قضية مخدرات ولا رشوة ولا يسلط عليه المدعى العام فى قضية توديه فى داهيه
حقاً هكذا أجد المفسرين لهذا الحديث ، ومنهم للأسف كبار المتعلمين
وأقول أن التفسير معكوس تماماً
اولا : لأنه ليس من العقل والمنطق أن تعالج أمراً فتبدأه بالشدة ، وهذا ليس دين الله ولا عدله
وإن كان الأمر كذلك ، ولنأخذ مثلا ، أنه حدث خلاف أو رأى زوج على زوجته ما ينكره عليها أو يكرهه فيها ، فبدلا من أن يتدرج بنصحها حتى يصل لطلاقها ، أقول : تبعا للمبدأ القائل بالشدة ، هو أن يطلق فوراً ، وهذا غير منطقى ولا منصف
مثال آخر ، لو كانت دولة بجوارنا وأنكرنا عليها تعاملاتها المشبوهة ، أن نقوم بشن الحرب عليها ، وهذا غير منطقى
ثانياً : فأن الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ رسالته وراح يناقش الكفار ويدعوهم وينصحهم ويجادلهم ويبين لهم الحجج ، ولم يقاتلهم إلا عندما بدأو فى قتاله وعندما أذن الله له بذلك ، وليس من تلقاء نفسه أيضاً
إذن إستعمال اليد ثم اللسان ثم القلب وهذا أضعف الإيمان يعنى ، أن البداية هنا باللين ، ثم تتدرج للشدة ، حتى تصل الى أقصى الشدة
إن التفسير على هذا التدرج يكون كالآتى :
من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، وهذه معناها سد الذرائع ، أى وكما يقولون الوقاية خير من العلاج ، أى على كل وال ، وبما أن كل وال مسئول عن رعيته ، أن يسد الذرائع ، أى يقى من حدوث المنكرات ، وهذا يكون بالتنشئة السليمة والواعية والعاقلة ، إبتداء من خلية الأسرة حتى تصل الى المجتمع ، فالخلية الفاسدة تؤدى فى مجموعها الى مجتمع فاسد ، فهذا واجبى فى اسرتى ، وواجب كل فرد فى أسرته ، أن يسد الذرائع ، فإذا كان رب البيت بالدف ضارب ، فشيمة أهل البيت الرقص
فيجب أن نغير المنكر ، إذا رأيناه فى بيوتنا ، بيدنا ، ببث الأخلاق الحميدة ، فى أولادنا وبناتنا . وأن نكون لهم قدوة حسنة ، فكل إنسان بيده أن يسد الذرائع فى نطاق أسرته ، والدولة تسد الذرائع أيضاً فكل مسؤل فى مكانه يؤدى دوره ، وزارة الإعلام لها دور فى سد الذرائع ، وزارة الصحة ، وزارة التربية والتعليم ، وزارة الشباب والرياضة ، وزارة الثقافة ، وإذا كانت هذه الدوائر لا تؤدى دورها سليماً فى هذه النقطة الأولى وهى سد الذرائع ، اى تغيير المنكر باليد ، اى عدم وجود الشىء الذى يؤدى الى المنكر إذا لاحظت أنه سيبدأ فى الظهور ، أقول : إذا قصرت هذه الدوائر فهنا يأتى دور الشعب بنوابه فى البرلمان أن يوضحوا الحقائق ويصححوا المسيرة
وحقيقة أقول : إذا كنا نحن فى أسرنا ، نطبق ذلك ، ونوابنا هم بعض منا ، فلا بد أنهم سيلتزموا بذلك ، وحكومتنا هى جزء منا ، فستكون حريصة على ذلك
ثانيا : فإن لم يستطع فبلسانه ، وهنا التصعيد ، بالنصح والإرشاد ، فربما بعد سد الذرائع ، ولأن النقس أمارة بالسوء ، يحدث المنكر ، فهنا واجب النصح والإرشاد ، وهذا دور اللسان
وهذه النقطة ، تخرج من نطاق الأسرة لتتسع وتشمل نطاق الأصدقاء والمعارف ، هذا من حيث الفرد ، والعلماء الأجلاء فى نطاق أوسع هو كل المجتمع ، وكل الوزارات هنا مدعوة أيضاً للقيام بهذا الدور الثانى وهوالتوعية والنصح
فأنا فى نطاق أسرتى وبرغم سد الذرائع وجدت مثلا إبنتى فى ملابس غير محتشمة ، فيأتى دور اللسان فى النصح والتوعية والإرشاد ، أأخذ بيدها لأرفعها من الضعف الى الفوة
وعلى نطاق المجتمع وبوسائل الإعلام تشرح بالنصح والإرشاد والتوجيه المخاطر التى قد يقع فيها الشباب ، أو الإنسان عامة
ثالثاً : فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان
نكمل غداً

Saturday 6 September 2008

الدجاجة أولا - أم البيضة -6

وهناك حاسة الشم ، وقد إستخدم الإنسان العقل فى الإستمتاع بحاسة الشم ، فهو يستنشق العطور والرياحين فيشعر بمتعة ، وراح يبتكر ويستخلص العطور من الزهور ، ويصنع البرفانات المختلفة ليستمتع برائحتها ، كما أنه كانت فى الأساس وما زالت عند كافة الكائنات حاسة الشم هى لإيجادالتقارب بين الذكر والأُنثى ، ففى فترات الإخصاب ، تفرز غدد خاصة فى الأُنثى عطراً مميزاً ، فيستنشقه الذكر فيحفز فيه الرغبة لجماع الاُنثى ، لإشباع إحدى الغرائز بهدف التكاثر ، وذلك لحفظ النوع
وإن كان الوضع فى الإنسان يختلف ، فليست الغريزة عنده لحفظ النوع والتكاثر فقط ، ولكن للمتعة والإستمتاع ، ولذلك فإن الكائنات الحية الاُخرى لها مواسم معينة للتزاوج ، وبعدها لا ترغب الأُنثى فى إقتراب الذكر منها ، بل فى بعض الكائنات يكون يوم التزاوج هو النهاية ، ووفاة الزوج ، لأنه أدى مهمته ، ولم يعد له لزوم ، فالعقرب الاُنثى بعدالجماع تلدغ الذكر فتقتله ، وكذلك فى مملكة النحل ، حيث يجلس الذكور يأكلون ويشربون ولا يعملون شيئاً ، حتى تحين طقوس الزواج ، فتطير الملكة وخلفها الذكور ، ويتساقطون واحداً وراء الآخر لعدم اللحاق بها ، حتى إذا كان آخرهم ، هدئت من سرعتها ، وسمحت له بالجماع ، ثم يكون موته
أما فى الإنسان ، فطاقاته متجددة دوماً ، سواء فى الفترة التى يكون الرحم فيها مستعداً للإخصاب والبويضة فى أوج إكتمالها ، أو فى غير هذا التوقيت
فالعقل دائماً وراء كل إستمتاعات الكائن البشرى بكل حواسه ، بكل مقومات الحياة ، وهو القادر على السمو ، والتفكير ، والتدبر ، والتعلم والإبتكار
وكلما زاد العلم ، وسما التفكير ، وحسم الصراع بين الخير والشر ، كان طريق الهدى والنور والخضوع والخشية لرب هذا الكون البديع ، يقول الله عز وجل ( انما يخشى الله من عباده العلماء ) ، فكثيرون يعبدون الله ، ولكن أكثرهم خشوعاً وخشية هم العلماء ، لأنهم بإستخدامهم العقل فى التفكر والتدبر والنظر الى إبداعات الله فى كونه ، يصلون الى الحقيقة عن طريق العقل لعظمة الخالق ، لأن الحقيقة وبكل ما وصل إليه العلم وسيصل ، وكل هذا ذرة فى محيط علم الله ، القادر على كل شىء ، العليم الحليم الذى خلق كل شىء بقدر وقدره تقديراً ، فهذا الكون لم يخلق عبثاً
الله يقول ( ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ) ، فهذه النفس البشرية فى صراعها بين الخير والشر ، وإحتكامها للعقل ، تلهم بالفجور وبالتقوى ، فالشياطين تبث إليها الغواية والتوجه للشر ، والملائكة تبث لها التحذير وتوجهها للتقوى ،
وكان لا بد للشيطان أن يلعب من خلال الحواس البشرية ، فقد وجدت لتؤدى دوراً ، ولسعادته وإستمتاعه
فتلعب الشياطين على حاسة السمع ، ليسمع الإنسان النميمة والغزل والنفاق .
ويلعب الشيطان على حاسة البصر ، ، ليرى الإنسان الجمال الجسدى الأنثوى فى زوجة جاره ، وأخت صديقه ، وإبنة أخيه ، وقد يصل الى أمه ، واذا كان ضعيفاً تسارعت دقات قلبه وتدفق الدم فى عروقه ، وأثيرت غرائزه
وقد يلعب الشيطان على حاسة الشم ، ليجد الإنسان الإستمتاع فى شم أشياء قد تغيب الذهن ، وترفق فى خيالات مريضة وكذلك حاسة الذوق ، ليأكل ويشرب ويستمتع بطعم مواد مخدرة ومشروبات مسكرة ، تفقد العقل يقظته وإتزانه وتساميه وحاسة اللمس ، ليستمتع بنشوة التلامس للأجساد المتلاصقة فى زحام مثلا ، أو غيره
ولكن أليس هذا جميلا ، ألم توجد الحواس لإشباع هذه السعادة والإستمتاع بها ، فها قد فعل الشيطان وأوحى للنفس بدغدغة حواسها ، فما هو الخطأ ، وهل تأتى الملائكة لتوحى للنفس بأن هذا خطأ ، لماذا ؟؟؟ ما دامت هذه الحواس قد خلقت لتمارس مهامها فى الكون ، هل هناك حدود ؟؟ ولماذا؟؟
إذا نظرنا الى الكائنات الأخرى فهى تؤدى دورها المسيرة له ، ولإنها بلا عقل فلا يوجد الإستمتاع ، وإن كانت هناك غرائز ، ولكنها لتؤدى غرضها ، الجوع للطعام حتى لا يندثر النوع ، والخوف أو الإقدام لحماية النوع ، وكل هذه الكائنات لها صفات غريزية ، كالأمومة ، والتقارب للذكر والأنثى ، والتملك والدفاع عن المملكة ، ولكن بلا جور ، فكل يدافع عن دائرته ، ولا توجد كراهية ، وإن كانت توجد غريزة الغضب ، كفعل ، ورد فعل
ولكن الإنسان إتصف بكل الصفات وبنقيضها ، فهو يحب ويكره ، ويكون شهما ثم نذلا ، يكون ورعاً ثم فاجراً ، أميناً ثم لصاً أو حتى قاتلاً ، ودوداً ثم مخادعاً ، يتلون بكل الألوان ، وكان لا بد من وضع حدود لحركته ، وذلك لصالحه وصالح المجموع ، وكان لا بد من ظهور الرسل والأنبياء ، يأتون بألمنهاج الصحيح ، ورسم حدود الحركة ، هنا فقط تقيد الحواس ، فهى لم تخلق للعبث ، بل لتمارس مهامها ، وبحرية ، فى حدود حريات الآخرين ، هذا منهاج العدل ، وهنا إذا لعب الشيطان على الحواس ووجه النفس الى الفجور ، فإن الملائكة تلهم النفس بطريق الهدى ، وكأنها تقول لهذه الحواس مذكرة إياها دوماً : هناك طريق الصلاح ، أسمع الى الرسل ، شاهد جمال الكون ، أمامك طريق النور ، إسمع كلام ربك ، وخالقك ، وهوالذى منحك كل هذه النعم لتسعد ، فلك أن تشكره ، بأن تطيعه فيما يريد ، وتبتعد عما لا يريد ، وإستعمل عقلك فى ذلك ، فستجد أنه الطريق الصحيح ، لم لا تقبل على الله مختاراً ؟؟ مقتنعاً ، نظير كل ما منحك إياه ، ووفره لك لإسعادك
لماذا ، بكامل حرية تفكيرك ، بعد أن أرسل لك الرسل ، وجعلك ترى طريق الصواب ورسالة السماء ، فلماذا تبتعد ؟؟؟
أهل يعطيك الشيطان شيئاً أفضل ؟؟
إذن هذه النفس البشرية التى الهمها فجورها وتقواها ، فكما ان الشيطان يلهمها الفجور بلعبه على الحواس ، ويحاول تذكية تناقض الصفات البشرية ، فها هى الملائكة تقوم بدورها وتلهم النفس طريق الهدى ، الذى أرسل الله رسله لينيروا الطريق أمام الإنسان ، وحتى يكون الإختيار ، وهو سبب وجود العقل ، فإما أن تتبع الهدى ، فلا تضل ، وإما أن تعرض ، وكلاهما بإ رادتك المخيرة ، ولذلك لا يلهم الشيطان النفس بشىء إلا وترد الملائكة بإلهام النفس وفى نفس اللحظة
فإذا قال الشيطان : إقتل ، تقول الملائكة : لا تقتل ، ويحاول الشيطان أن يزين لك القتل ، فيحاول أن يرفع من درجة غضبك مثلا ، فيندفع القلب دافعاً الدم فى الشرايين ، وهذا هو القلب المستثار الضعيف ، لأن القلب القوى ، هوالقلب الذى لا يستثار إلا فى الحق ، وهنا الملائكة تبين لك خطأ القتل ، وتتنازع الفكرتان داخل العقل ، ويكون الإختيار ، هى لحظة ضعف ، أولحظة قوة ، يتحمل نتيجتها الإنسان ، بما إتخذه من قرار
يقول لك الشيطان إسرق ، ويزين لك السرقة ، إزنى ، ويزين لك الرزيلة ، ولكن فى نفس اللحظة تقول لك الملائكة : لا تسرق ، هذه هى حدودك ، لا تزنى ، هذه هى حدودك ، إنها تبصرك بالمنهاج التى أتت به السماء ، ومن أجله جائت الرسل ، وحتى لا تكون لك حجة ،لا تقول : لم أكن أعرف
ولكن إذا كنا نتكلم عن العقل ، فما دخل القلب ؟؟ وهل هو الآخر له القدرة على التفريق بين الخير والشر
وغداً نكمل

Friday 5 September 2008

الدجاجة أولا - أم البيضة - 5

نزل آدم وحواءالى الأرض ، والشياطين من سلالة إبليس ، وبافى فصائل الجان الخيرة ، والملائكة ، كل يؤدى دوره
وأنجبت حواء ذكر وأُنثى فى بطن واحدة ، ثمتلتهم بذكر وأُنثى فى البطن الثانية ، وكبر الأطفال وأصبحوا فى سن التزاوج ،
عائلة صغيرة ، كان الأبوان يعلمان أبنائهما طريق الخير ، ويحذرانهم من الشيطان ، ويحكو لهم قصتهم ، وعلم الشيطان أنه لن يقدر على آدم وحواء ، فقدإستفادا من الدرس ، فلم لا يجرب مع الأولاد ، فليس لهم تجارب ، والسمع بالنصح ممكن أن يتلاشى مع الإلحاح بالغواية ، وكان أن زين لقابيل أن يتزوج من أخته التى ولدت معه وليس من أخته التى ولدت مع هابيل ، بالرغم من تعارض هذا مع رغبة الأبوين اللذين قررا أن كل إبن يتزوج من الإبنة التى فى البطن الأُخرى ، وراح الشيطان يلح على قابيل ، ليقود ثورة العصيان ، ليكون الدرس الثانى من الإختبار فى المواجهة ،وللمرة الثانية ، إنتصر الشيطان ، وقتل قابيل أخاه هابيل ، لأنه لم يحب لأخي ما يحبه لنفسه ، وسيطرت عليه نشوة الإنانية ،
وأفاق قابيل ، ولم يعرف كيف يخفى جريمته ، وكيف يواجه والديه ، وكان أن رأى طائر يحفر فى الأرض بمنقاره ليوارى جثة طائر قد مات ، ففعل مثل ذلك ليوارى جسدأخيه .
وإستمرت الحياة ، وتكاثرت البشرية ، وكبرت الرقعة لممارسة إختبارات المواجهة بين الخير والشر .
والعقل هو أداة التفكير والوعى والتفريق بين الخير والشر ، وهو ما يميز البشر عن سائر الكائنات المسيرة ، فهو أداة للتدبير والتخيل والإستمتاع بالحياة .
فكل الكائنات لها حواسها ، فلو جئنا لحاسة البصر ، فى الكائنات المسيرة كالحيوان والطير وغيرها ، هدفها أن تبصر فترى العيون طريقها وغذائها فتتحرك له .
والإنسان بجانب كل هذا مطالب بأن يرى آيات الله فى خلقه ، ليكون طريقه الى الهداية ، فيستمتع بجمال الألوان فى الكون وتناسقها وتناغمها ، فى تنوع النباتات والثمار ، فى تنوع الطيور بريشها الزاهى المختلف الألوان والأشكال ، فى تنوع مملكة الحيوان ، فى تنوع مملكة البحار من أسماك جميلة ألوانها خلابة .
أنه يسمو بالنظر إلى جمال الكون ، ويستمتع به ، فالعقل هنا يحول حاسة البصر الى متعة فى التأمل ، ورؤية هذا الجمال الكونى البديع بألوانه المختلفة ، والمخلوقات العديدة من نبات لصخور لطيور لإناس لحيوانات مختلفة ، وإن من لا يفعل ذلك فهو لا يستعمل عقله فى الإستمتاع بهذه الحاسة الهامة التى توصلك الى تدبر هذا الكون وأن لا بد من ورائه مبدع عظيم قادر .
وهناك حاسةالسمع ، والعقل يجعلنا نستمتع بهذه الحاسة ، فلتصغ بأُذنك لزقزقة العصافير ،لصوت هدير أمواج البحر ، لصياح الديوك ، لصهيل الخيل ، أن العقل يسمو بخيالاته مع أصوات الطبيعة ، ويبتكر العقل روائع الموسيقى ،فيبتكر آلة الناى بصوتها الشجى ، ثم يكتشف الأوتار ويؤلف الألحان ويتغنى بالكلمات ، ليستمتع بأُذنيه من حاسة السمع ، وحاسى السمع خلقت أيضاً لأنها وسيلة الربط للفهم بمفردات اللغة ، التى يتحاور بها الإنسان ، ويناجى بها خالقه وخالق الكون الذى علم الإنسان الكلام ، وعلمه الإسماء كلها .
وهناك حاسة اللمس ، فبالعقل يستمتع لإنسان بحاسة اللمس ، عن طريق الجلد ، المغطى لكل الجسم ، فبجانب أنه حماية لأعضاء الإنسان الداخلية ، وبه كل المراكز الحسية ، فبالعقل نشعر بالإستمتاع من نعومة ملمس الزهور ، والملابس ، والصخور الملساء ، ويتغلغل هذا الشعور بالمتعة الى داخلك ، وتشعر بالإستمتاع لملامسة قطرات الماء البارد لجسدك صيفا ً ، والدافىء شتاءاً ، وتشعر بإسترخاء وشفافية للذهن .
وهناك حاسة الذوق ، وبالعقل نستمتع بواسطة اللسان ، بتذوق المأكولات والأطعمة والفاكهة والخضروات ، فبالعقل إستطاع الإنسان أن يجعل من الطعام والشراب متعة ولذة ، ، فبدأ يتفنن فى إعداد العديد من الأنواع المختلفة .
وقد جعل الله اللسان معملا متكاملا ، يستطيع أن يفرق بين الحلو المسكر ، والمالح ، والحمضى ، والقلوى ، حتى أصبح الإنسان لا يأكل لأنه جائع ، مثل باقى الكائنات ، لا ، بل يأكل ليستمتع بحاسة الذوق ، حتى وصل الأمر الى أنه فى بعض الحفلات الكبرى فى القصور ، كانت تمد الموائد ، ويظل الأفراد يتذوقون المأكولات ، ثم يذهبون لأفراغ ما فى معدتهم ، ليعاودوا التذوق لمأكولات أخرى ، فغير الإنسان بذلك غريزة الإحساس بالجوع ، التى تحدث للكائنات الأخرى لتناول طعامها حتى تشبع ، لتنمو أو تحافظ على حياتها ، غيرها الى متعة تذوق لا تقف عند حد أو نوع ، والكائنات الأخرى تأكل فى حدود معينة ، وأنواعاً معينة ، فالحصان مثلا لو وضعت أمامه لحوما ً لا يأكل ولو كان جوعاناً ، لأنه يأكل الخضروات والنباتات . والنمر والأسد تأكل اللحوم ولا تأكل الخضروات ، ولكن الإنسان تضع أمامه كل شيىء فيأكل ويستمتع .
ولقد منحه الله هه الصفة فى أكل كل شيىء ، لحوم ونباتات وأسماك وطيور ، حتى يستمر ويتكاثر تحت كل الظروف .
لأن الظروف الطبيعية قدتؤثر على الكائن ، وتؤدى الى إنقراضه ، ففى العهود القديمة، كانت هناك حيوانات قوية وضخمة كالديناصور والماموث وغيرها ، وكانت تتغذى على الإشجار والنباتات ، ولكن نتيجة لتعرض الأرض لزلازل وتصدعات وحرائق للغابات ، وجدت هذه الكائنات القوية أنها فقدت مصدر غذائها ، فإنقرضت لأنها لا تأكل اللحوم المتوفرة حولها من حيوانات أضعف منها ، .
فالحياة ليست دائماً للأقوى والأضخم .
وهناك حاسة الشم ، وغداً نكمل

Thursday 4 September 2008

الدجاجة أولا _ أم البيضة _ 4

قلنا أن الأحلام تظهر أثناء النوم ، فى فترات الصفاء والشفافية العقلى ، عند خروج النفس فى نزهاتها الخاصة ، ولكن لماذا تخرج النفس تتجول ، وتترك الجسد ؟؟
ربما لأنها لا تجد منفعة من هذا الجسد النائم ، فهوفى حالة النوم لا يحقق لها أى رغبات
ويبدو أن الأحلام ، نوع من التنفيس ، لتحقيق رغبات النفس التى تبثها أثناء يقظته ، والتى لا يستطيع تنفيذها لسبب أو لآخر ، ولكن النفس تلح عليه ، فبالأحلام ، قد يحقق هذا التوجه ، وكأنه يريدالإتزان مع النفس ، وكأنه يخدعها ويقول لها :ها أنا حققت طلبك ، فإهدئى ، ولذلك لا يحاسب المرء على أحلامه ، فقد يمارس القتل ، أو يرتكب كل المحرمات ، ولكن يبدو أن النفس فى غالب الأحيان تشعر بالخداع ، أو إذا كانت تحت تأثير كائنات شيطانية ، فلربما تعيد الإلحاح على العقل فى يقظته ، وتجمل له الشر ، حتى يقع فى الخطأ ، بكامل وعيه ، وليس فى الأحلام ، وهنا يكون حقاً عليها العقاب ، ويبدو أن النفس تجزع وتندم ، وقد تكره هذا الجسد الذى تستخدمه فى تحقيق أغراضها ، التى قد تؤدى بها الى الهلاك ، وهكذا تظل النفس فى حالة تذبذب بين الخير والشر ، بين الهداية والضلال ، تعرف أين الخير ، وتكابر أو تهتدى ، وتعرف أين الشر ، فتبتعد أو تنزلق ، هذه هى النفس البشرية ، وهى ليست مثل النفس الحيوانية ، أو النباتية ، فتلك أنفس سيرت لعبادة الله ، تسبح له دوما ً ، وليس لها خيار آخر ، وتحكم مسيرتها فى الحياة بعض الغرائز ، التى تحفظ لها إستمرارها ، أو مواجهتها للمتغيرات ولذلك فشرورها ليست بالشرور المطلقة ، فالحيوان يهاجم الحيوان ويفترسه ، لأنه غذائه ، وهذا يهاجم النبات ليأكله ، لأنه غذائه ، فليست هناك عداوة مسبقة ، وقد يهاجم الحيوان الحيوان ليقتله ليس لأنه غذائه ، ولكن ربما لخوفه ، فغريزة الخوف تجعله إما أن يفر ، أويختفى ، أو يهاجم ، ليحمى نفسه ، أو يهاجم ويقاتل ليحمى مملكته ، زوجته وأولاده ، فالحيوان الأم تحنو على أطفالها ، وتزود عنهم وتقاتل فى شراسة ، أذا تعرضوا للخطر
لذلك فالغرائز تقى وتحمى وتنمى ، فلا جريمة هنا ، ولا حساب
حيوانات تأكل وتشرب وتتكاثر وتحب وتسبح ربها
ولكن النفس الإنسانية ، التى أودع الله فيها كل هذه الغرائز أيضاً ، أودع فيها العقل ، ليكون لها الإختيار فى أفعالها ، وتقبل على الله بعبودية كلها إختيار ، وحتى يكون هناك إختيار ، فلا بد أن يكون هناك الخير ، طريق الهدى ، والشر طريق الضلال ، وكان لا بد أن يكون الصراع للإنسان مع قوى الشر ، ولذلك كان خلق أبليس ، والله الذى خلقه ، يعلم مسبقاً ما سيفعله ليؤدى مهمته التى خلق لها ، فهى حكمة الله ، فخلقه وسط مجموعة من المخلوقات ، الجان والملائكة
الملائكة ، مسيرون ، مسبحون ، والجان ومنهم جماعة أبليس مخيرون ، ومعه جماعات من الخلق لهم طاقات ،قد تكون مختلفة عما نعرفه ، ومن عناصر ، قد تكون مختلفة عن عناصر الأرض
وكان حديث الله بأنه سيخلق فى الأرض خليفة ، الملائكة رحبوا بهذا الخلق الجديد ، وبالطبع فقد كان سابقاً لخلق أدم ، خلق الأرض بعناصرها ، وخلق النبات ، فتغذى على العناصر والماء ، ونما وترعرع ، وخلق الأسماك فى البحار والأنهار ، تتغذى على نباتات قد تنمو فى الماء ، أو على عناصر ذائبة فى الماء ، أو على نفسها
وخلق الطيور ، تسبح فى الهواء ، وتتغذى على الحبوب والنباتات
وخلق الزواحف ، وتتغذى على النباتات ، أو الأسماك
والحشرات ، تساعد فى تكاثر النباتات بنقلها لحبوب اللقاح من الذكر الى الأنثى
وجاء خلق كل هذا مسيراً
وعندما جاء وقت خلق الإنسان خليفة فى الأرض مخيراً ، رحبت الملائكة ،أما الجان ، وهى المخلوق المخير ، فقد وجدت منافساً جديداً قادماً
ولكنها رحبت بقدومه ، ما عدا ، جماعة أبليس ، وهى من الجماعات المخيرة ، التى تفكر ، وتعبد الله عن تعقل ، ولكن الغرور الذى أصاب إبليس ، وسوء تقديره ، فقد كان يتخيل أن عناصر النار التى خلق منها ، أفضل من عناصر التراب ، التى خلق منها آدم ، فكان إستكباره ، كيف يسجد لآدم ، وهو مخلوق من تراب ، وهو أفضل منه لأنه مخلوق من النار وكان ذلك فى علم الله الأزلى ، ولحكمته ، حتى يأتى مخلوق آخر مخير ، وأن يكون إبليس وذريته هم عناصر الشر ، ليزينو لهم الشر ، فإذا ضعفت النفس البشرية أمام غواياته ، فى نفس الوقت الذى يحيط بها نور الهداية ، فلها الخيار ، فيحق عليها العذاب أوالثواب ، وكأنها مسابقة يتعادل فيها مقومات عناصرها ، فكل ما تغريك به عناصر الشر متوافر بكل عناصر الخير وأكثر
ولا يكون حساب العدل إذا إختلت الكفتان ، لا بد أن يتساوى الميزان
ولنرى كيف يتجاذب الخير والشر النفس ، إذا وجدت فى جزيرة وليس فيها الا زوجتى ، وفيها ما لذ وطاب من الطعام ، فهل هناك فرق بينى وبين أى كائن آخر حيوان أو طير؟؟، بالطبع لآ ، فحياتى مسيرة وغرائزى تأخذ إتجاهاً واحداً ، فأنا لم أسرق ، لم أزنى ، لم أقتل ، ولم أشرب الخمر ، ولم أكذب ، أنا إذن إنسان خير ، كلا ، فلا يوجد هنا خيار لى ، لابد أن يوجد طرف ثالث يدخل حياتنا ، ويحاول التأثير فيها
ودخل أبليس حياة آدم وحواء ، وأوحى لهما أن يأكلا من الشجرة المحرمة ، التى كان الله قد حذرهما منها ، للإختبار
أى ياإنسان أمامك كل ما لذ وطاب أنت حر فيه ، ما عدا محظور واحد فقط ، وهو الأكل من هذه الشجرة ، ولكن أبليس أخبرهما أنها شجرة الخلود ، وراح يزين لهما ، حتى نسيا ، وأكلا من الشجرة ، ورسب الإنسان فى أول وأبسط إختبار
وكان لا بد أن يحدث ذلك ، لحكمة الله ، أولا لكى يعلم الإنسان أن الشيطان له بالمرصاد ، فيحذره
وأوحى الله لآدم بكلمات يرددها ليعلمه التوبة ، انه الرحمن الرحيم ، وليفتح باب التوبة للإنسان الذى قد يقع فى الخطأ
ويبتعد عن طريق الهدى
وغدأ نكمل مسيرة آدم وحواء على الأرض .

Wednesday 3 September 2008

الدجاجة أولا - ام البيضة -3

فى نهاية الحياة ، هل سيحاسب الجسد المتداخل العناصر ، أم هناك شىء آخر متفرد ، يقع عليه الثواب والعقاب ، هل هى النفس ؟؟ أم الروح ؟؟ وماهى النفس ؟؟ وما هى الروح ؟؟
وهل الروح تدخل الجسد مرات مختلفة لتأخذ فرص فى الحياة مرات عديدة ، حتى يحين الميعاد ؟؟ أم تظل هائمة ؟؟
وهل إذا دخلت فى أجساد جديدة ، على فترات من حياتها ، فهل تكرر أفعالها ؟؟
يقال ، النفس أمارة بالسوء ، ويقال هناك النفس اللوامة ، والنفس المطمئنة ، فهل النفس هى التى تسيطر على الجسد ؟؟ وتحركه لأهوائها ورغباتها ؟؟ بعد أن تكون قد إحتلت مركزالتفكير والعقل ، أنها مثل قائد السيارة ، تندفع به ، وتوجهه كيفما تشاء ؟؟ وهى مسؤلة عما ينتج من هذا الإستعمال ، سواء بطريقة حسنة ، أو بطريقة سيئة ، فالنفس المطمئنة مثل التى تقود السيارة بحكمة وتعقل ، وتستطيع أن تسيطر على نزعاتها ، لأنها بطبيعتها قدتجنح الى الطيش ، والإندفاع بالسيارة ، وقد ينتج عن ذلك أضرار ، وقد تعاتب نفسها من حين لآخر ، وتحاول السيطرة على نزواتها ، وتقود السيارة بحكمة وتعقل ، وليس بطيش وتهور ،حتى تصبح مطمئنة ، ورصيد صراعها فى هذا ، هو رصيد حسناتها وسيئاتها
ويبدو أن النفس لا ترغب فى أن يموت الجسد ، لأنها تستعمله ، مثل قائد ، السيارة يرغب أن تكون سيارتة فى حالة جيدة دائماً ، والنفس قد تكون هى التى تترك الجسد وتسبح فى أثناء نوم الجسد ، ثم تعود إليه مرة أخرى ، مثل من يترك سيارته ثم يعود اليها بعد فترة لإستعمالها ، ولكنها قد تفاجأ بموت الجسد ، مثل من يفاجأ بأن سيارته لا تعمل عند ما يريد إستعمالها ، فيحاول أصلاحها ، ولذلك قد تحوم النفس حول الجسد الميت ، رغبة منها فى أن تستطيع إستعماله ، ولكن وكما يكتشف قائد السيارة بأن تلك السيارة ، خردة ، ولا تصلح ولا أمل فيها ، فيحاول شراء سيارة أخرى ، فقد تعلم النفس بأن هذا الجسد ليس فيه أمل ، فتظل تهيم سابحة بحثا عن جسد أخر تدخل اليه لتستعمله ، وبالتالى فإن النفس ليست سر حياة أو موت الكائن ، وهى أيضاً لا تعلم من هذا الأمر شيئاً
إذن هناك الروح ، فعندما ينتهى أجل ، تخرج الروح الى خالقها ، وكأنها البطاريات التى لا يعمل بدونها الجهاز ، فهذا الجهاز جاء ومعه بطارياته الخاصة التى لا يعمل بدونها ، ولها عمر معين ، ولا يمكن إستبدالها ، فهى نفخة الله فى الخلية المانحة للطاقة والموجهة لكل الكروسومات والجينات الحاملة للصفات الوراثية ، لكى تنمو وتنقسم وتتشكل ، وحين تسحب البطارية يتوقف كل هذا التوجيه المنظم ، فتبدأ عملية التفكك والتحلل ،
وقد تكون النفس التى وصفت بالحكمة ، وأستطاعت كبت النزوات وأطاعة أوامر الخالق حتى إطمئنت ، هى التى تكون فرحة لزيادة حسناتها ، وهى التى يدعوها الله ، أيتها النفس المطمئنة ، إرجعى إلى ربك راضية مرضية ، فإدخلى فى عبادى ، أى أنت أصبحت فى عداد عبادى الصالحين ، وأدخلى جنتى ، أى أدخلى جنتى لأنك تستحقينها .
وقد تكون النفس الأمارة بالسوء ، هى المرتجفة الخائفة ، قبل أن تواجه يوم الحساب .
وإذا كاتت أسرار الجسد معلومة نوعاً ما ، وإذا كان تكوينها المادى من العناصر أكثر علما ً ، فإن أسرار النفس والروح ، لم تعلم ، فهى ليست بالشىء المادى الملموس ، ويسألونك عن الروح ، قل الروح من أمر ربى ، فمهما وصل العلم من تطور لن يصل الى الروح ، وإذا قلنا أنها مثل البطارية اللازمة للجهاز وليس لها بديل ، فإن الإنسان مهما حاول لن يصل الى صنع خلية واحدة حية ، بالرغم من وجود الخامات ومعرفته لها ، إن الإنسان مع زيادة العلوم والمعارف ، عرف كيف تنمو الخلية ، وتركيب الخلية ، ومواصفاتها ، وإذا أصاب الخلية خلل ، إستطاع أن يعالج نوعا ما خلل الخلية ، فأستطاع أن يعالج بعض الأورام ، وبعض الأمراض والعلل ، إستطاع أن ينمى مزرعة لخلايا ما ، أى يجعلها تتكاثر الى حد ما ، أستطاع أن يجمع البويضة والحيوان المنوى ويخصبهم فى أنبوبة ، ثم يعيد زرع الخلية المخصبة فى الرحم حتى تجد المناخ الذى تنمو فيه .
ولكن أبدا ، لن يستطع صنع خلية حية بالرغم من علمه بمكوناتها ، والخامات كلها متوفرة عنده ، فهى العناصر ، وعرف أنها مكونة من بروتوبلازم وسيتوبلازم ونواة .. و .. وحمض نووى وجينات تحمل 22 زوجا من الكروسومات مسؤلة عن كل الصفات الوراثية من الأنثى والذكر .
الإنسان وأن كان يستطيع أن يعبث بالهندسة الوراثية لإنتاج مواصفات خاصة ، قد يعبث بمورثات لون العين ، او الشعر ، أو قد ينتج مسوخاً بشرية أو حيوانية ، ولكن لن يصنع خلية بسيطة حية واحدة ، لأن هذه الخلية مكوناتها عناصر حية تدور الكتروناتها فى أفلاكها سواء الخلية فى حالة حياة حقيقية أو موت ظاهرى ، والذى يجعلها فى حياة حقيقية ، أى تنمو وتتكاثر ، هو شىء آخر غير مادى ، وليس من العناصر ، وهو الروح ، أو البطارية التى ليس لها بديل ، ويهبها الله لكل خلية بعمر معين ، إذا إنتهى ، تحولت الى التحلل الى العناصر المادية فقط ، ويبدو أن النفس قد تكون من عناصر مادية ، وهى غير مرئية ، ولها إسلوبها الخاص فى الدخول والخروج من الجسم ، وإن كانت على إتصال به بطريقة ما ، وتشعر به ، وهذا ليس بالشىء المستغرب ، إذا كان الإتسان قد إستطاع بالطرق اللا سلكية وعن طريق الأقمار الصتاعية وأجهزة عديدة ،أن يتصل بمن يريد من مسافات شاسعة ويسمعه ويراه ، وهذا هوالإنسان إستطاع ان يسجل الصورة والصوت على شريط صغير دقيق ، وبواسطة جهاز الفيديو إستطاع أن يستعيد مشاهدة ما سجله آلاف المرات ، وها هو الإنسان يبث الصوت والصورة بأجهزة خاصة فى الهواء ، ويستقبل هذا البث الهوائى فى أى مكان ، يبعد آلاف الأميال
ففى ثورة الإتصالات اللا سلكية أصبح من السهل معرفة ما يحدث فى نفس اللحظة من مكان الى مكان ، فهذا ليس بالشىء الغريب ، ولذلك فلماذا لا تكون النفس قادرة على أن تتصل بالجسد الخاص بها حتى وهى هائمة أو بعيدة عنه ،
ويبدو أن الأحلام ، ما هى الا أفكار مختزنة ، حديثة أو قديمة ، ورغبات مخزونة ، تظهر فى أثناء النوم ، فى فترات الصفاء والشفافية العقلى ، عند خروج النفس فى نزهاتها الخاصة .
ولكن لماذا تخرج النفس ؟ تتجول وتترك الجسد ، هذا ما سنتحدث عنه غدا .
ً

Tuesday 2 September 2008

2 - الدجاجة أولا - ام البيضة ؟؟


النمو ، من مظاهر الحياة
الإنسان والحيوان والطيور والأسماك والزواحف والنباتات ، تبدأ صغيرة وتنمو وتكبر وتزيد فى الحجم
وكذلك الغازات ، تنتشر ويزداد حجمها
والسوائل ، مع ارتفاع درجة حرارتها تزداد حجماً ، ولنشاهد ظاهرة المد فى البحار ، هى عملية زيادة فى الحجم والأجسام الصلبة ، تتمدد ويزداد حجمها بالتسخين مثلا ، أو با لتجميد كما فى حالة الماء ، أتناء تحوله من الحالة السائلة الى الحالة الصلبة
والنار ، كلما أعطيناها غذاء ، غازياً أو سائلاً أو صلباً ، فإنها تزيد حجماً وتكبر وتنمو
التكاثر ، من مظاهر الحياة
الإنسان يتزوج ويتكاثر ، والحيوان كذلك . والطيور والأسماك والزواحف والنبات والحشرات ، كلها تتزاوج وتتكاثر
وكذلك تتزاوج الغازات والسوائل والمواد الصلبة ، وإن كان تزاوج من نوع خاص ، يضحى فيه الزوجين بنفسهما فى سبيل إنجاب الإولاد ، وبالمناسبة ، ففى بعض الحشرات توجد تضحية أيضاً ، ولنأخد ذكر النحل ، مثلا للتضحية بحياتة عند اجتماعة بالملكة ليموت بعدها ، كذلك ذكر العقرب ، وإن كانت الأنثى لا تضحى بحياتها
لكن فى عالم الغازات الزوجان يضحيان
فالصوديوم يتحد مع الكلور ، ليتكون المولود الجديد ، كلوريد الصوديوم ، الملح ، وهو كائن جمع بين صفات أمه وأبيه ، وبالتالى أصبح مختلفا ً عنهما ، كل على حده ، فهما غازات ، ولكنه مادة صلبة
وقد يتزوج الأكسيجين من زوجتين من الهيدروجين ، وبذلك يضحى الجميع من أجل المولود الجديد ، الماء ، وهو يختلف فى صفاته عن ، كلا أمهاته وأبيه ، فهوسائل فى الحالة العادية ، وحتى لو كان فى الحالة الغازية كبخار ماء ، فهو مختلف عن صفات أبيه وأمهاته
وقد يكون الكبريت ، أبو عين زايغه ، اللى متجوز أربعه أكسيجين واتنين هيدروجين ، اللى هوه حمض الكبريتيك ، ممكن عينه تلوف على الصوديوم ، ويطلق الإثنين هيدروجين ، ويعمل مولود جديد ، كبريتات الصوديوم
واضح من كل ما سبق ، أن مظاهر الحياة متماثلة ، وأن الكون كله فى حالة حياة
إذن الموت ، شىء ظاهرى ، أى أنه ليس مطلق
أى أنه مجرد تحول فى العناصر ، من شكل ألى شكل ، فإختفاء الشىء لا يعنى أنه تلاشى ، فكما نعلم أن المادة لا تخلق من عدم ، فالمادة أيضاً لا تفنى ، اى لا تتلاشى ، أى لا تصبح فى العدم
فالخلق ، كان من العناصر ، والإختفاء قد يكون صورة من تحول الكائن الحى الى كائن حى أخر ، أى بصورة أخرى من نفس العناصر
نعطى مثالا ، المادة الصلبة قد تتسامى ، أى تتحول الى المادة الغازية مباشرة ، دون المرور بالحالة السائلة ، وليس معنى ذلك أنها فنت ، أو إنعدمت ، ولكن ما حدث ، أنها تحولت من شكل مرئى ، الى شكل غازى غير مرئى
مثال أخر ، تبخر السوائل المرئية ، تتحول الى غازات غير مر ئية ، لا يعنى أن المادة تلاشت ،ولكن يعنى أنها تحولت الى صورة أخرى ، فالعناصر ما زالت موجودة ، وتحول العناصر من الشكل المرئى الى الشكل الغازى ، قدينتج عنه ترابطات مع غازات وعناصر أخرى ، فتتكون مادة غازية أخرى
والجسم البشرى أو الحيوانى ، ما هو إلا بلايين من الخلايا ، والخلايا ما هى الا ملايين من الجزيئات ، والجزيئات ما هى الا عديد من الذرات مكونة من العديد من العناصر
فتحلل هذه الأجسام ، وتفككها الى عناصرها ، لا يعنى فنائها ، أو إنعدامها ، بل يعنى تحولها الى أشكال أُخرى من صور الحياة
فلو كان هناك محيظ ما ملىء بالماء فى زمن قديم ، وبه من الكائنات السابحة فيه كالأسماك ، ونتيجة لظروف طبيعية ما ، جفت هذه المياه ، فما مصير هذه الكائنات الحية ؟؟ طبعاً عدم القدرة على الإستمرار ، وبداية التحلل
ولنفترض أنه غطى هذه الكائنات ، رادم كبير من التربة والصخور ، فمع العمق والحرارة والضغط تتكون المواد البترولية ، وهى مجموعة من الهيدروكربونات ، أى عنصرى الكربون والهيدروجين ، عناصر أساسية فى تكويناتها
وقد يكتشف هذا البترول والغاز المصاحب ، الذى هو فى الأساس هذه الكائنات البحرية ، ثم نستخرجه ونستخدمه كوقود أونستخرج منه مواد ، تدخل فى صناعات عديدة ، مثل البلاستيك والأدوية وغيرها ، ونأخذ المتبقيات ونجعلها مادة أسفلت لشوارعنا ، وهى أساساً كانت كائنات بحرية وهكذا ، غابات ضخمة ، نتيجة لزلازل أو صدوع معينة ، إندثرت تحت العديد من الطبقات الصخرية ، فهى الأخرى قد تتحول بعدالتحلل الى مواد بترولية
كوارث ، مثل حادث العبارة ، سالم إكسبريس ، مئات الغرقى ، أصبحوا طعاماً للأسماك ، تحولت المادة البشرية ، بواسطة أنزيمات الأسماك ، الى لحوم اسماك
والأنزيمات تقوم بعمل تغيير التركيبات الكيميائية ، لتحول العناصر الأساسية المكونة ، الى مكونات لحوم الأسماك ، وقد يأتى الإنسان ويصطاد تلك الأسماك ، لنأكلها ، والأنزيمات البشرية تحول مرة أخرى ، العناصر بتركيبات كيميائية تتفق ولحم الإنسان ، وهكذا ، المادة لا تفنى ، لأن العناصر لا تفنى ، بل تتحول من صورة الى صورة ، وقد تعود الى نفس الصورة مرة أخرى ، فى شكل اآخر ، وقد يكون من نفس النوع
فالجسد الميت ظاهرياً ، تحت التربة ، يتحول بالتحلل وبأنزيمات التحلل ، الى ديدان ، تأكل هذا الجسد البشرى ، وقد تتحلل هذه الديدان الى العناصر مرة أخرى ، وقد يزرع نبات ، فيتغذى على هذه العناصر مرة أخرى ، ثم يأتى الإنسان ليأكل النبات ، أو يأتى الحيوان ، ليأكل النبات ، وبأنزيمات كل منهما ، يتحول الى مكونات تتفق وجسد كل منهما ، أى أن هذه العناصر تدخل دورات أخرى من صور الحياة
حتى العظام الراقدة ، هى عناصر ، ما زالت الإلكترونات تدور فى أفلاكها حول ذرات تلك العناصر ، مثل الكالسيوم ، ولم تفنى ، وإن كانت تبلى وتختفى ، فهذا لأنها قد تداخلت ، مع مرور الزمن ، وتفاعلت مع عناصر أخرى من التربة ، لتكوين مكونات التربة ، بكل عناصرها ، حتى لو لم يزرع فيها نبات ، وأعادت الدورة ، فهى مواد صلبة ، مكونه للصخور المختلفة ، بتكويناتها الذرية المختلفة ، نتيجة لإختلاف العناصر والمركبات ، وما زالت إلكتروناتها تدور فى أفلاك ذراتها ،وهى فى حالة حياة دائمة ، دوام الكون ، لأنها أزلية ، بدأت من الأزل
ولذلك فإن عناصر الجسد ، قد أتت من عناصر أجساد أخرى ، قد تكون بشرية أو حيوانية أو نباتية ، وسوف تدخل فى تركيب أجساد أخرى ، قد تكون بشرية أوحيوانية أونباتية ، وقد تصير غازية أو سائلة أو ترابية
وفى نهاية الحياة ، هل سيحاسب الجسد المتداخل العناصر ؟؟ أم هناك شيىء آخر متفرد ، يقع عليه الثواب والعقاب ؟؟
هذا ما سنتحدث فيه غداً

Monday 1 September 2008

الدجاجة أولا - أم البيضة ؟؟ - 1

اليوم هو الأول من رمضان ، شهر الصيام ، كل عام وأنتم بخير
فكرت فى أن أبدأ فى مدونة كلها بأللغة العربية ، تضم يومياتى وأفكارى ، وأعيد نشر مؤلفاتى من القصص ، حتى يكون هذا الركن خالصاً بدون مزاحمة من لغات أُخرى
كان أمامى خياران ، اما ان أبدأ فى تصميم الموقع ، وهذا يحتاج لوقت وجهد
والخيار الآخر هو أن أبدأ بالموضوعات والأفكار ، وليكن تصميم الموقع ينمو تدريجيا مع الأيام
وكان الخيار الثانى هو المرجح
ولنبدأ موضوع اليوم
هل الدجاجة وجدت أولآً أم البيضة ؟
سؤال قديم ، شغل العقل قديما ، طرأ على ذهنى وأنا أفكر فى إيجاد أسئلة لنجرى من خلالها مسابقات فى المعلومات ، بين أولادى هدفها التسلية ، وكان بالطبع لا بد أن يكون للسؤال إجابة ، وعندما تسلل هذا السؤال إلى رأسى وجدتنى أبتسم من الحيرة ، التى وقعت فيها ، فإذا قال إبنى الدجاجة وجدت أولا ، هل سأقول له كيف ؟ إذا كانت الدجاجة لا بد أن تخرج أولا من البيضة ثم تنمو لتصبح دجاجة ، سأقع فى الحيرة لأنه بتلقائية سيقول ان الدجاجة هى التى تبيض البيضة ،وسأقع فى الحيرة ومعى أولادى طبعاً ، فتركت هذا الموضوع جانباً
لكن بعد فترة من الزمن ، أخذ يلح على ذهنى ، ويتشعب منه مئات من الأسئلة ، عن الخلق والحياة والإنسان ، وما وصل اليه من علوم ، وهل هناك فرق بينه وبين الكائنات الأخرى ، والكون المرئى والغير مرئى ، والخوارق والطبيعة والعناصر
، وجدتنى أغرق فى العديد من الموضوعات ولكنها كلها تلح على ذهنى فى أن أفكر فيها بعمق
وعلى مدى أيام وكلما خلدت إلى وحدتى ، تشعبت هذه الأفكار ، وهو ما دفعنى لأسطر هذه الخواطر
ما هى مظاهر الحياة ، وما هوالموت ، وهل هناك مظاهر للحياة يختص بها الإنسان عن غيره من المخلوقات ؟؟
الإنسان كائن حى ، كذلك الحيوان والطيور والأسماك والزواحف كائنات حية
كذلك النباتات والحشرات كائنات حية
ولكن هناك أيضا الماء والهواء والصخور ، أو قد نقول المواد السائلة والغازية والجماد ، فهل فيها حياة أيضاً ؟؟
وهناك تقسيمات أُخرى للمادة : - هوائى ومائى وترابى ونارى
وإذا قصدنا بالهوائى الحالة الغازية ، والمائى ، الحالة السائلة ، والترابى ، بالحالة الصلبة أو الجماد
فالنار تختلف ، فهى ناتج إحتراق لبعض الغازات وبعض السوائل وبعض الأجسام الصلبة
وأذا تحدثنا عن الحركة كأحد مظاهر الحياة
فكل الكائنات تتحرك ، الإنسان والحيوان والطيور والأسماك والزواحف والنبات والحشرات ، والكائنات وحيدة الخلية ، وأن كان لكل كائن حركته الخاصة ، والوسط الذى يتحرك فيه
فالإنسان يتحرك على اليابسة ، فيمشى على قدميه ، وقد يسبح فى الماء
وكذلك الحيوان ، يمشى على قدميه ، وقد يسبح فى الماء
والطائر يسبح فى الهواء طائراً بجناحيه كما يسير على الأرض بقدميه ، كما يطفوعلى الماء
وهناك الأسماك تعيش فى الماء ، وتتحرك بواسطة زعانفها المختلفة
والزواحف تعيش على اليابسة ، وقد تسبح فى الماء
والنبات ينمو على الأرض ويتحرك ، وإن كانت حركته محدودة ، فزهرة عبادالشمس تتجه ناحية الشمس من الشروق إلى الغروب
وهناك نبات يقال له الست المستحية الذى تقفل أوراقه بمجرد ملامسته لشىء
وهناك جذور النبات تخترق التربة وتتفرع بداخلها ، كما ترتفع الساق لأعلى وتتفرع لأغصان
ومن أنواع الحركة فى النبات مثل النبات صائد الحشرات ، الذى يظهر وكأنه فك مفتوح ، وأذا سقطت به حشرة أغلق عليها ليلتهمها
وأذا أتينا إلى المادة الغازية فإنها أيضاً فى حالةحركة ، فجزيئات الغازات فى حالة حركة وإنتشار مستمر
والسوائل ، جزيئاتها فى حالة حركة مستمرة وإن كانت فى حيزصغير ، نتيجة لشدة الترابط والتقارب بين الجزيئات
والمادة الصلبة هى أيضاً فى حالة حركة ، فجزيئاتها تتحرك وإن كانت فى حيزأصغر ، لقوة الترابط بين الجزيئات
والنار ، نتيجة إشتعال غاز أو سائل أو مادة صلبة ، تكون فى حالة حركة
وأياً كانت المادة ، فهى مكونة من عناصر ، والعناصر بها تركيب دقيق من نواة ونيترونات موجبة الشحنة ، وإلكترونات فى أفلاك تحمل شحنات سالبة ، وكلها فى حالة حركة
والنظرية التى تقول أن الجسم الساكن يظل ساكناً حتى يؤثر عليه مؤثر خارجى ، أرى أنها خاطئة ، لأنه لا يوجد جسم ساكن إطلاقاً
لأن أبسط دليل هو أن الكترونات عناصره دائمة الحركة ، والدليل الآخر أن الأرض بكل تكوينها من غلاف غازى ، أو الماء واليابسة ، كلها تدور حول الشمس دورة واحدة فى السنة ، كما تدور حول نفسها دورة فى اليوم ، ودورانها حول الشمس ينتج عنه الفصول الأربعة الربيع والصيف والخريف والشتاء ، ودورانها حول نفسها ينتج عنه الليل والنهار ، وبالتالى دوران الأرض بكل مكوناتها حول الشمس أو حول نفسها ، يدل على أن تلك المكونات تدور معها وبنفس سرعتها ، أى تتحرك معها ، وبالتالى لا يوجد جسم فى حالة سكون ، بل فى حركة دائمة مطلقة ، وإن كان الجسم ساكناً فهو سكون ظاهرى فقط
فالإنسان الذى يركب قطاراً أو طائرة ويجلس على المقعد فى سكون ظاهرى هو أساسا يتحرك مع القطار أوالطائرة وبنفس السرعة ، وإن كان لا يشعر بهذه السرعة لإلتصاقه بالجسم المتحرك ، ولذلك فنحن لا نشعر بسرعة حركة الأرض لأننا فى التصاق بها ، وفى نطاق جاذبيتها ، والجاذبية هنا كأنها رباط يشدنا الى الشىء المنجذبين إليه ، ولكل جسم جاذبية ، ولكن حجم الجسم كلما زاد ، زادت معه قوة الجاذبية
وبالتالى إذا أمسكت بكرة صغيرة بيدى ثم تركتها تسقط على الأرض ، الحقيقة غير ذلك ، الحقيقة أن الكرة الصغيرة سقطت على الكرة الكبيرة فى الوقت الذى سقطت فيه الكرة الكبيرة على الكرة الصغيرة ، فكلاهما جذبت الأخرى ، ولكن بمقارنة حجم الكرة الصغيرة مع حجم الكرة الأرضية فالنتيجة هى جذب الصغيرة للكبيرة جذباً بسيطاً ، أما الكبيرة فسيكون جذبها كبيراً للكرة الصغيرة ، وبالتالى الذى تشاهده هو سقوط الكرة الصغيرة على الأرض ، وهكذا كل شىء ما دام فى نطاق هذه الجاذبية
ولماذا لا يسقط الطائر على الأرض ؟؟
هنا تذكر لو ربطنا كرة صغيرة بحبل ، وأدرت هذا الحبل بشدة فستدور الكرة ، ولكن فى دائرة ودائماً مشدودة الى يدك ، وإذا تركتها تفلت من يدك ، ستبعد الكرة بمقدار السرعة التى كنت تحركها بها ، إذن لكى تخرج من نطاق الجذب لا بد أن تكون هناك قوة دفع ، وهو ما يفعله محرك الطائرة أو جناح الطائر لتوفير هذه القوة
والإلكترون السالب يدور أيضاً حول النواة التى بها الشحنة الموجبة بطاقة حركة ، فى فلك له طاقة وضع معينة ، إذا إكتسب الإلكترون طاقة أعلى من طاقة هذا الفلك نتيجة إمداده بطاقة خارجية ، فأنه ينطلق خارج هذا المدار إلى مدار أعلى ، ولو فقد هذه الطاقة لعاد مرة أخرى الى مداره ، ولو فقد أكثر ، تجذبه النواة الى مدار أقل
إذن كل ما فى الكون فى حالة حركة دائمة ، لأن الكون مكون من عناصر ، مكوناتها فى حالة حركة
ومن مظاهر الحياة النمو . وغدا نكمل