Thursday 11 September 2008

الدجاجة أولا - أم البيضة - 11

برمج الجهاز بالعديد من المعلومات ، فى كل المجالات
وجلس أمامه ، فشعر الجهاز بوجوده ، فرحب به ، وهو بداية التشغيل
فسأله عن درجة الحرارة ، وفى ثوان رد عليه الجهاز
درجة الحرارة 35 درجة مئويه
سأله : هل ياترى الجو اليوم ، جميل ؟؟
الجهاز : اليوم حار ، وأنصحك بإرتداء الملا بس الخفيفة ، ذات اللون الفاتح
وهنا بدأ الجهاز ليس فقط فى أن يجيب على السؤال ، بل أيضاً يؤدى النصيحة ، ويدخل فى حوار
قال المخترع : ياترى إيه تغيرات البورصة اليوم ؟؟
فأجاب الجهاز بعد أتصاله السريع بكل البورصات العالمية والمحلية
الجهاز : هل تعنى البورصة المحلية أم غيرها ؟؟
وهنا بدأ الجهاز ، يصحح للعالم المخترع ، بأنة لم يلتزم الدقة فى عرض السؤال
شعر العالم بقليل من الخجل ، وتمالك نفسه
وقال : أنى أعنى البورصة المحلية
الجهاز : إن سهم شركة الإلكترونات العصرية إرتفع بمقدار ثلاث جنيهات ، وأصبح سعر السهم خمسة وأربعون جنيهاً مصرياً
وحدث إنخفض طفيف قدره تسعة قروش وخمس وثلاثون مليما فى سهم الشركة المصرية للتأمين على الحياة ، واصبح سعر السهم حالياً عشرون جنيهاًمصرياً وأربعة قروش وثلاث مليمات
قال العالم : عظيم ، عظيم ، وماذا عن أخبار سوق العقارات فى لندن ؟؟
الجهاز : ما زال سوق العقارات فى هبوط مستمر
سأل العالم : هل أستثمر أموالى الآن فى سوق العقارات فى لندن ؟؟
الجهاز : تريث قليلا ، فأن المؤشر العام للحالة الإقتصادية ومعدلات الفائدة والتضخم ، كلها تشير ألى مزيد من الهبوط فى الأيام القليلة القادمة
ثم تابع الجهاز نصائحه : ولكن لماذا لا تفكر فى إستثمارها فى بورصة طوكيو ؟؟ فهناك شركة الطاقة الذرية تعرض أسهمها ، لزيادة رأس المال للمشروع ، والين اليابانى منخفض هذه الأيام نتيجة الإرتفاع الحاد للدولار الأمريكى
وإبتسم العالم ، فها هوالجهاز ، يقترح عليه أيضاً ، يعنى كل شىء ماشى تمام فى البرنامج الخاص الذى صممه وأسماه ، بتاع كله
سرح العالم قليلا ، ففاجأه الجهاز قائلا : أيه ، مقولتليش إيه رأيك ؟؟
فأفاق العالم ، نعم أنه يجب أن يرد على الجهاز ، إنه نسى أنه يدير معه حواراً ونقاشاً
ردالعالم قائلا : لأ ، مفيش داعى اليومين دول ، لأن عندى ظروف شغلانى
ويسأله الجهاز : إيه ، خير ، إيه الى شاغلك ؟؟
فيردالعالم : أبداً ، بس مراتى بصحة شويه
فيرد الجهاز : أن هذا شىء يجب أن يسعدك
وفوجىء العام ، ولكنه سرعان ما إكتشف أنه أخطأ فى نقل المعلومة للجهاز ، فكلمة بصحة ، تعنى صحة وليس مرضا ً
فأصلح من رده قائلا : أقصد أنها تعبانه شويه
الجهاز : من ماذا تشكو ؟؟ هل أستطيع أن أساعدك ؟
العالم : والله هى اليومين دول بيجيلها دوخة كده ، ورغبة فى الإسترجاع وهبطانه ونفسها فى الفسيخ
الجهاز : مبروك ياعزيزى ، إنها علامات الحمل ، ولكن حذارى من الفسيخ ، فقد إرتفعت معدلات الوفيات فى الفترة الماضية ، نتيجة لتناول الفسيخ
العالم : لا ، لا ، مش حامل
الجهاز : كيف يارجل ؟ هل بدأت البطن تنتفخ ؟؟
العالم : أيوه ، بس برضه هى مش حامل
الجهاز : اليست هى فى سن الإنجاب ؟؟
العالم : نعم
الجهاز : هل كنت بعيدا ، منذ فترة ، وما مدتها ؟؟
العالم : نعم ، كنت مسافر لمدة سنة
الجهاز : هل أنت متأكد من هذا الرقم ؟؟
العالم : طبعا سفرى كان لمدة سنة
الجهاز : إذن هى أعراض الحمل الكاذب ياعزيزى
العالم : يبدو ذلك ، شكراً
وقام العالم مبتعداً عن الجهاز ، الذى يطفأ اتوماتيكياً
والآن الأجهزة والإنسان ذو العقل الصناعى ، هل هو كخلق الله ، أنها آلة بلا مشاعر ، أو أحاسيس ، مبرمجة كما يريد صاحبها ، وتبعا لكمية المعلومات ، تقدم له فائدة أو تساعده فى أداء أعماله ، ولكن كل حواس هذه الآلة ، وإن كانت عيناً فهى لا تستمتع بما تراه ، وإن كانت سمعاً فهى لا تستمتع بما تسمع ، وإن كانت لمساً فهى لا تستمتع بالملامسة ، وإن كانت شماً فهى لا تستمتع بالشم ، وإن كانت ذوقاً فهى لا تستمتع بألذوق
آلة ، لا تحب ولا تكره ، تفكر وتجيب ولكنها لا تتفكر وتتخيل ، لا تسبح فى بحر الكون وتشعر بجماله ، وهى لا تستطيع أن تنمو وتتكاثر ، وتحمل وتلد ، وترضع وليدها وتحنو عليه وتضمه الى صدرها بكل الحنان والحب
فمهما صنع الإنسان من أجهزة وآلات ، فهى لن تساوى حياة خلية واحدة
ولن يستطيع الإنسان الوصول الى صنع خلية واحدة حية ، حتى بألرغم من معرفته لكل مكوناتها ، وحتى لوتوافرت كل هذه المكونات المادية تحت يديه ، لأن كل هذا لن يخلق حياة
فالذى يخلق الحياة ، هو الله ، خالق الكون بكل ما فيه من حياة
وخالق الأرض ، والبشر ليعمروا الأرض ، ويخوضوا الصراع مع قوى الشر ممثلة فى الشيطان ، ومسلحين بالعقل ، منحة الله للإنسان ، ومحل إختياره ، والذى بواسطته يكتشف الكون من حوله ، ويسعد بحواسه ويرقى ويسمو ، ويهتدى لرسالة السماء ، فيقبل على الله مختاراً وليس مسيراً
ولذلك هل يريد المتطرفون الجهلاء ، أن يجعلوا من المجتمع ، مجتمعاً مبرمجاً آلياً ، مثالياً
فلنفترض معهم وجود هذا المجتمع الملىء بالحب ، الكل يؤدى واجباته سليمة ، لا توجد خيانة ، ولا أحد يسرق ، ولا أحد يقتل ، ولا أحد ينصب ، ولا أحد ينم فى حق جاره أو أخيه ، فلا يوجد تأثير للشيطان على نفوسنا
هل هذا المجتمع المبرمج هو ما يريدون ؟؟
هل هذا هو المجتمع المثالى ؟؟
أن عباداتنا فى هذه الحالة لربنا ، ليست نابعة من أى معاناة ، فلا شىء يغوينى على إرتكاب الآثام والشرور وأقاومه ، والجميع كذلك مثلى ، لا توجد إمرأة تغوينى ، وأقاوم الشعور بداخلى ، لم أتعرض لضائقة مالية ، والمال أمامى وأفكر فى أن أسرقه ، وأقاوم هذا الشعور
إذن أنا مؤمن مجبر ، مؤمن رغماً عن أنفى ، فلا يوجد شىء خطأ فى ، نفسى ، أو من حولى ، الكل مبرمج
فكيف لا أكون مؤمنا فى هذا المجال
ولكن ، هل يريدالله هذا المجتمع المؤمن المبرمج ؟؟
كلا ، وألف كلا
فلم يدخل الإنسان هنا ، وبعقله أى نوع من الإختبارات ، ولم يصارع أى شرور ، حتى يفوزبالجنة ، التى وعده الله ، فى حالة إقباله عليه بوعى وإرادة ، وعبودية كاملة
هذه الدنيا بكل مباهجها وشرورها ، هى التى يريدها الله كدار للإختبار ، حتى قيام الساعة ، ولكل إنسان فيها دوره ، الذى سيسأل عنه ، ماذا قدم له هذا العقل ، وكيف إستعمله ؟؟ وكيف كان صراعه فى الحياة مع الشيطان ؟
هل كان ضعيفاً ؟؟ أم قوياً ؟؟
إن كل إنسان منا ، وكأنه حصان يجر عربة تتحرك على عجلات ، تحاول أنتندفع للأمام ، والشيطان يحاول أن يمسك بمؤخرة العربة ليجذبك الى الخلف ، أو على الأقل يجعلك لا تتحرك الى الأمام ، لأن الحركة الى الأمام تمثل إندفاعك الى طريق الهدى والنور ، والشيطان يحاول جذبك الى الخلف الى طريق الضلال والفساد ، أوعلى الأقل يحاول أن يمنع حركتك ونظل فى حالة الصراع والتردد ، إننا نعلم أن لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الإتجاه
فكما أن الحصان يريد أن يتحرك فى إتجاه الهدى بقوة ، فكذلك العربة بما فيها من شيطان تجذب الحصان للخلف بنفس القوة
ولكن نتيجة لإختلاف مركز تأثير كل قوة ، يكون للحصان النصر ، ويتقدم ، لأن مركز تأثير قوة جذب الحصان هوعلى العجلات التى تدور على محور ، وهذا شىء سهل
أما مركز تأثير شد العربة للحصان تكون فى أقدامه وحوافره ، التى تثبت فى الأرض ، نتيجة لإرتفاع معدل الإحتكاك بين قدم الحصان والأرض
فيكون تأثير جذب الحصان هنا للعربة هو الأقوى ، وتتحرك العجلات
وكلما زادت قوة تثبيت أقدام الحصان ، تزداد قوة الدفع الى الأمام ، وتدور العجلات بسرعة أكبر وأكبر
وهنا لن يستطيع الشيطان إيقافها ، وإن كان ما زال يركبها ، ليتحين فرصة أخرى ، حين يتوقف الحصان ، فيحاول الشيطان مرة أخرى ومرات ، ومرات
وأنت أيها المؤمن القوى ، أنت فى مكان هذا الحصان ، تقود عربة الحياة ، ويتشبث فيها الشيطان طوال الرحلة ، فكلما كانت قوتك وعزمك ووضوح رؤيتك ، فإنك ستندفع الى الأمام دائماً
ولا تنس ، حتى لوتوقفت قليلا ، فيجب أن تكون قدماك ثابتتان بقوة على أرض صلبة
أو شد الفرامل ، لو راكب سيارة ؟؟
لأنك على مرتفع ، حتى لا تنحدر الى القاع
وهناك لا حتلاقى دجاجة ، ولا بيضة ؟؟؟

No comments: