Sunday 7 September 2008

الدجاجة أولا - أم البيضة - 7

ولكن إذا كنا نتكلم عن العقل ، فما دخل القلب ؟؟ وهل هو الآخر له القدرة على التفريق بين الخير والشر ؟؟
إن الشرع ، وكتاب الله ، يأمر المرأة بالإحتشام ، حتى تتقى من فى قلوبهم مرض ، كيف يحدث هذا ؟؟
أن من يرى إمرأة غير محتشمة ، الشيطان يلهم النفس بالهوى ، ويزين له الغواية ، والملائكة تلهم النفس بكف البصر ، ويتصارع الإلهام داخل العقل ، فالقلب القوى سيرتدع ويهدأ ، والقلب الضعيف المستثار ، ستتدفق الدماء ويزداد النبض فى العروق ، وتفرزإنزيمات تزيد من الإستثارة ، وتكون النتيجة ، لحظة ضعف ، يقدم فيها الإنسان ذو القلب المريض ، بعمل ما ، يخل بناموس الحياة
ماذا وعده الشيطان ؟؟ مواقعة حسية للإستمتاع قد يصل اليها
ولماذا تمنعه نواميس الحياة ؟؟ ومنهاج السماء
حتى يتحقق العدل
دعنا نترك أن الله سيكافىء المؤمن القوى بالجنة لإنه حقق أوامر الله وإبتعد عن الشرور . ودعنا نجادل هذا الإنسان ضعيف القلب
ونقول له : حتى ولو لم يكن هناك عقاب ، حتى ولو لم يكن لك عقل يتدبر ، فلنفترض أنك أحد الكائنات ، وليكن طيراً أو حيواناً ، ومن منطلق العدل فقط ، اى أن تسمح لغيرك بما تسمح به لنفسك
أقول : أذا فعل أى فرد أو حيوان إقترب من مملكتك ، وحاول مواقعة وليفتك ، فماذا ستفعل ؟؟
ستقول ، أقاتله ، أقاومه ، أدفع الضرر عن مملكتى
إذن ياإنسان ، وبأقل قدر من الرجولة ، والنخوة ، ماذا ستفعل فى من يقترب من أمك أو زوجتك أو أختك أو إبنتك ؟؟، ولنفترض أن أقل شىء هو أنك ستصفعه على وجهه فقط
والآن هل أنت مستعد أن تسير فى جماعتك و عشيرتك وبلدك ، وتتلقى كل يوم عشرات أو مئات الصفعات على وجهك ، ليس إلا
بالطبع ستقول : لا ، إذن لهذا جاء الرسل ، بالمنهاج ، ليتحقق العدل ، وليحميك ويحمى أسرتك ، قبل أن يحمى المجتمع ككل من نغزات الشيطان ، فينير لعقلك الطريق الى الحق ، ولتشكر الله على ما أنعم عليك بهذه الحواس ، لتستمتع بها بحرية ، وبعدل ، لا يتعدى حدود حرية الآخرين
إن الحرية ، بلا قيود وبلا حدود ، نقمة على الفرد قبل المجموع ، لأنها من واقع نزغات الشيطان ، فتنتشر الموبقات والأمراض وشتى الشرور ، ويضيع العقل ، الذى خصه الله للإنسان عن مخلوقات كثيرة ليرقى به ويسعد به ، ويتدبر خلق الله فى كونه ، وليشكره على نعمه ، وعاش آمنا
إن الفطرة ، والعقل السليم يقودان الى هذه النتيجة ، التى تأتى بها الأديان ، لتكون العلاقات بين الناس آمنة ، فى حدودها السليمة ، وهذا التدبر والتفكر سيؤدى الى النتيجة الثانية ، وهى عبادة الله وشكره ، على هذه النعم ، إن الله لا يستفيد من العبد بصلاته وصيامه وزكاته ، بل الإنسان هو المستفيد ، والصلاة إذا لم تنهاك عن الفحشاء والمنكر والبغى ؟؟ فكيف يخيل لك عقلك أن الله يقبلها منك ؟؟ إذا كانت هى وسيلة منك لتشكره على نعمه ، وإنك لم تفعل إلا عكس ما طلبه منك ، ففعلت الفحشاء وإرتكبت المنكر ، وظلمت
إن الإنسان يؤدى العبادات شكرأ لله على نعمه ، وأفضلها نعمة العقل ، الذى هداه الى حقيقة الكون ، وحقيقة الخير ، فى صراعه مع الشيطان ، وتهذبت نفسه وحواسه ، بما لا يخل بناموس الحياة ، فيصبح هو المؤمن القوى ، الذى لا يستطيع الشيطان أن يلعب على حواسه وغرائزه ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : المؤمن القوى خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف ، فمن هو القوى ؟؟ ومن هو الضعيف ؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القوى فيكم ليس بالصرعة ، ولكن من يتمالك نفسه وقت الغضب أى القوى هو من لم يستثار قلبه ويتدفق الدم فى عروقه ويكون ثائراً ، فهذا هوالقلب الضعيف كما قلنا ، ولكن المؤمن القوى هو ذو القلب القوى لذى لا يستشاط غضبا ، أى الذى يكون عقله فى حالة إتزان
ولذلك فأن الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فأن لم يستطع فبلسانه ، فأن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان
الذى أراه أن من يفسر هذا الحديث يفسره معكوساً تماماً ،
فيفسرون ، فلو رأى منكراً فليغيره بيده ، اى بالقوة والإعتداء والضرب والقتل ، فلو رأى إمرأة مبتذلة لصفعها على وجهها ، ولو رأى سكيراً ، لأنهال عليه ضرباً ، ولو شاهد شاباً مفطراً فى نهار رمضان ، لإنقض عليه بيديه ليقتله
ويفسرون ، وإن لم يستطع فبلسانه ، أى فأن رأى أمرأة مبتزلة سبها وأهانها ووصفها بالساقطة والداعرة ، وأن مأواها جهنم ، ولورأى سكيرأ ، لإنهال عليه تقريظاً ، بأنه إنسان مهزأ وغير محترم وسافل ومسخرة ، وإن السم الهارى الى بيشربه أولاده أولى بثمنه ، وإن شاهد مفطرأ فى نهار رمضان ، تحمس وقال له : مش مكسوف على دمك وإنت زى الشحط وفاطر ، طب ياأخى أذا بوليتم فإستتروا ، ولكن خلاص مبقاش فيه حيا ولا أخلاق ولا دين ، ما إنت لو كنت لقيت حد يربيك كنت ... وكنت ...، وقد تمتد المشاجرة وتتصاعد ليطبق المؤمن البندالأول ، بدلا من الثانى ، أى يغير المنكر بيده
ويفسرون ، ومن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان ، أى لو وجد إمرأة مبتذلة ، ولكنه لا يجرؤ أن يلمسها ، قد يكون لها مركز مؤثر ، أولها ثقلها فى المجتمع ، وأيضاً لا يستطيع أن يهينها أو يوبخها ، فهنا يلجأ بدعواته القلبية عليها أن ربنا يبتليها ببلوة أوبكارثة ، تجيب أجلها ، وإذا شاهد السكير ، وقد يكون رئيسه المباشر فى العمل ، ولا يستطيع حتى أن يكلمه ، فيتوجه بقلبه أن زوجته تكدر عليه حياته ، ولا عربيه تخبطه وتخلص المجتمع من أمثاله ، وإن رأى الشاب المفطر فى رمضان ، ولكنه أبن حسب ونسب ، ولا يقدر أن يكلمه ، فيتوجه بقلبه ، إن ربنا يرزقه بمصيبة هوه وأبوه كمان ، ربنا يرميه فى قضية مخدرات ولا رشوة ولا يسلط عليه المدعى العام فى قضية توديه فى داهيه
حقاً هكذا أجد المفسرين لهذا الحديث ، ومنهم للأسف كبار المتعلمين
وأقول أن التفسير معكوس تماماً
اولا : لأنه ليس من العقل والمنطق أن تعالج أمراً فتبدأه بالشدة ، وهذا ليس دين الله ولا عدله
وإن كان الأمر كذلك ، ولنأخذ مثلا ، أنه حدث خلاف أو رأى زوج على زوجته ما ينكره عليها أو يكرهه فيها ، فبدلا من أن يتدرج بنصحها حتى يصل لطلاقها ، أقول : تبعا للمبدأ القائل بالشدة ، هو أن يطلق فوراً ، وهذا غير منطقى ولا منصف
مثال آخر ، لو كانت دولة بجوارنا وأنكرنا عليها تعاملاتها المشبوهة ، أن نقوم بشن الحرب عليها ، وهذا غير منطقى
ثانياً : فأن الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ رسالته وراح يناقش الكفار ويدعوهم وينصحهم ويجادلهم ويبين لهم الحجج ، ولم يقاتلهم إلا عندما بدأو فى قتاله وعندما أذن الله له بذلك ، وليس من تلقاء نفسه أيضاً
إذن إستعمال اليد ثم اللسان ثم القلب وهذا أضعف الإيمان يعنى ، أن البداية هنا باللين ، ثم تتدرج للشدة ، حتى تصل الى أقصى الشدة
إن التفسير على هذا التدرج يكون كالآتى :
من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، وهذه معناها سد الذرائع ، أى وكما يقولون الوقاية خير من العلاج ، أى على كل وال ، وبما أن كل وال مسئول عن رعيته ، أن يسد الذرائع ، أى يقى من حدوث المنكرات ، وهذا يكون بالتنشئة السليمة والواعية والعاقلة ، إبتداء من خلية الأسرة حتى تصل الى المجتمع ، فالخلية الفاسدة تؤدى فى مجموعها الى مجتمع فاسد ، فهذا واجبى فى اسرتى ، وواجب كل فرد فى أسرته ، أن يسد الذرائع ، فإذا كان رب البيت بالدف ضارب ، فشيمة أهل البيت الرقص
فيجب أن نغير المنكر ، إذا رأيناه فى بيوتنا ، بيدنا ، ببث الأخلاق الحميدة ، فى أولادنا وبناتنا . وأن نكون لهم قدوة حسنة ، فكل إنسان بيده أن يسد الذرائع فى نطاق أسرته ، والدولة تسد الذرائع أيضاً فكل مسؤل فى مكانه يؤدى دوره ، وزارة الإعلام لها دور فى سد الذرائع ، وزارة الصحة ، وزارة التربية والتعليم ، وزارة الشباب والرياضة ، وزارة الثقافة ، وإذا كانت هذه الدوائر لا تؤدى دورها سليماً فى هذه النقطة الأولى وهى سد الذرائع ، اى تغيير المنكر باليد ، اى عدم وجود الشىء الذى يؤدى الى المنكر إذا لاحظت أنه سيبدأ فى الظهور ، أقول : إذا قصرت هذه الدوائر فهنا يأتى دور الشعب بنوابه فى البرلمان أن يوضحوا الحقائق ويصححوا المسيرة
وحقيقة أقول : إذا كنا نحن فى أسرنا ، نطبق ذلك ، ونوابنا هم بعض منا ، فلا بد أنهم سيلتزموا بذلك ، وحكومتنا هى جزء منا ، فستكون حريصة على ذلك
ثانيا : فإن لم يستطع فبلسانه ، وهنا التصعيد ، بالنصح والإرشاد ، فربما بعد سد الذرائع ، ولأن النقس أمارة بالسوء ، يحدث المنكر ، فهنا واجب النصح والإرشاد ، وهذا دور اللسان
وهذه النقطة ، تخرج من نطاق الأسرة لتتسع وتشمل نطاق الأصدقاء والمعارف ، هذا من حيث الفرد ، والعلماء الأجلاء فى نطاق أوسع هو كل المجتمع ، وكل الوزارات هنا مدعوة أيضاً للقيام بهذا الدور الثانى وهوالتوعية والنصح
فأنا فى نطاق أسرتى وبرغم سد الذرائع وجدت مثلا إبنتى فى ملابس غير محتشمة ، فيأتى دور اللسان فى النصح والتوعية والإرشاد ، أأخذ بيدها لأرفعها من الضعف الى الفوة
وعلى نطاق المجتمع وبوسائل الإعلام تشرح بالنصح والإرشاد والتوجيه المخاطر التى قد يقع فيها الشباب ، أو الإنسان عامة
ثالثاً : فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان
نكمل غداً

No comments: